• ×

قائمة

Rss قاريء

مشهد الحجيج وتحقيق الحلم.. يدمع عيون حاجة ثمانينية بالجمرات

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
منى - متابعات - نبراس 

أثار مشهد ومنظر الحجيج الملبين لحظة رمي جمرة العقبة الكبرى دمعات الحاجة الهندية عائشة كشيري ذات الـ 80 عاماً، لتواكبه متمتمة بعبارة (الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله)، قبل شروعها في أداء نسك رمي جمرة العقبة الكبرى ببضع حجارةٍ جمعتها من مشعر مزدلفة، وادخرت جزءاً لباقي الجمرات وجزءاً آخر للاحتفاظ به كذكرى عند عودتها لبلادها.
رحلة الحاجة عائشة الإيمانية من الهند إلى المشاعر المقدسة مرت بجملة مواقف إنسانية التقت فيها أفراح وأتراح وانكسارات وأمنيات وإحباطات، غلبها وتصدرها أمل وصبر أحيتهما وأنعشتهما دعوات خالصة لله سبحانه وتعالى معظمها كانت بإلحاحٍ وتضرعٍ خلال سجود هذه المرأة المسنة، بأن يتحقق حلم الطواف ببيت الله العتيق والارتشاف من ماء زمزم الطاهر والوقوف بعرفة ورمي الجمار .
وجاءت بداية الحكاية، بعد إنهاء عائشة سلسلة إجراءات مكنتها من صعود إحدى الطائرات الحاملة على متنها حجاجاً ، متجهة بهم صوب مدرج مطار الملك عبدالعزيز بجدة، وهي بين هؤلاء الحجيج يملؤها الفرح لرؤية الكعبة المشرفة والمسجد الحرام الذي طالما حداها الشوق للصلاة فيه ، وبرفقتها ابنها محمد بهادو، الذي وقف خلف والدته بعد أن أنهى نسك رمي جمرة العقبة، وبانتظار فراغها من أداء ذات النسك .
محمد الذي يجيد التحدث باللغة العربية وصف أمه خلال انشغالها برمي الجمرات بالأنثى العظيمة، التي تولت رعاية ثلاثة أبناء وحدها ، منذ أن كانوا أطفالاً ، وحتى بلوغهم أشدهم، مستذكراً مداعبتها لهم في صغرهم وعراكهم البريء بعد قولها "من يستطيع الفوز منكم عندما تكبرون، بأخذي إلى الحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة في مكة المكرمة حاجةً ملبية"، مؤكداً أنه لن ينسى ابتسامتها بعد هذا القول، مؤكداً أنها ابتسامة تشبه هذه الابتسامة التي يراها اليوم لحظة تأديتها لمناسك حجها، وتزيد من عظمتها في عينه بإيثارها أبناءها الثلاثة على نفسها حتى في دعائها، طوال رحلتها الإيمانية بالمشاعر المقدسة، بالرزق والتوفيق والسعادة ورضى الله والغفران والجنة، مؤكداً أنها كانت كلما تذكرت نفسها رجت المولى عز وجل أن يتوفاها مؤمنة مستشهدة.
وتابع محمد قائلاً "والدتي كانت حريصة على تعليمي وإخوتي اللغة العربية، كي نقرأ القرآن ونتدبر آياته ، وحتى تنعكس تعاليمه العظيمة على أخلاقنا وتعاملاتنا، مؤكداً أنها بذلت في سبيل تحقيق ذلك الهدف الكثير من التضحيات، فكان النتاج تحدثي العربية بطلاقة، وحفظي ولله الحمد لعشرين جزءاً من كتاب الله عز وجل ".
وأكد عظيم فخره بتحقيق أمنيتها الوحيدة التي لا يتذكر أن تمنت في يومٍ غيرها، مشيراً إلى مداعبته لأمه منذ وصولهم إلى أم القرى، بأنه الفائز بين إخوته بمرافقتها للحج، مذكراً إياها بما بموقفٍ لن ينساه، عندما كانت تداعبه وإخوته في صغرهم بسؤالهم: "ترى من يستطيع منكم أخذي إلى مكة المكرمة للحج حين تصبحون رجالاً"، مبيناً أن ردة فعل الأم جراء دعابته تظهر في دموع الفرح التي تذرفها، ورفعها يديها إلى السماء داعية الله جل وعلا لي ولأخوتي بالسداد والتوفيق والرحمة والمغفرة والفوز بالجنة.
ونوه محمد بالمشروعات العملاقة وخطط التفويج المحكمة والدقيقة التي سهلت على الحجيج حجهم، مشيراً إلى المساعدة التي تلقاها في مختلف المواقع في المشاعر المقدسة من رجال الأمن، قائلاً "لولاهم لما تمكنت من البر بأمي، لاسيما مع معاناتي من مرض الأنيميا المنجلية المزمن"، مبيناً أنه طوال رحلته وأمه الإيمانية كان يتوجه للمسعفين الموجودين في كل مكان في المشاعر المقدسة، للكشف عن حالته الصحية والاطمئنان على استقرارها من وقتٍ لآخر، مؤكداً أن عنوانهم الابتسامة طوال الوقت.
وثمن الحاج محمد بهادو ووالدته الحاجة عائشة كشيري للمملكة هذه الأعمال الجليلة الصعب حصرها، لافتاً النظر إلى أن حكومة المملكة لا تنتظر مردوداً من وراء هذه الأعمال الجبارة والمباركة التي تقدمها للإسلام والمسلمين هنا وفي كل مكان بالعالم، سوى الدعاء الذي بات واجباً على كل مسلم، وحق لهذه البلاد الطاهرة وجب أن نؤديه ونجزل به، فهي تستحق بلا شك، سائلاً الله العلي القدير أن يبارك في شعب المملكة الطيب وأبنائها الأبرار، وأن يحميها جل جلاله ويديم عليها نعمة الأمن والأمان في كل الأزمان.
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : ناشر
 0  0  769

التعليقات ( 0 )