أفتقدُكَ بشدة ..
أفتقدُ صوت أذانك ..
أفتقدُ تلاواتك الليلية ،صلواتُكَ ،سجداتُكَ ،تشهُداتِكَ ،دعواتِكَ للأحياء والأموات ،وكل تعبُداتِكَ ..
أحنُّ لِرائِحة الصباح معك ،أحنُّ لِرائحة وقود سيارتِكَ في ذات الصباح ..
مازال مكانك والفراش خاليين منكَ ، و يبكيانك ..
مازالت تلك الوسادةُ تفتقِدُ مداعبة شيباتك لها ،أجارها اللهُ في مُصابِها هي الأُخرى ..
تلك الجديلةُ هي أيضاً تفتقد تراقُص أصابعك على إمتدادها ،كَبصماتِ حُب لازالت تتجملُ بها ،
ولكن جديلتي لم تعُد كما هي يا أبي ..
لا أعلم لِم الليلةُ بالذات أحنُّ لتفاصيلي معك ..
عندما أرى أثر جيناتك الكبيرة بيِّ أعلمُ أنك الأكثرشوقاً لإنجابي ،وأنك أول سبب بعد الله في مجيئيِّ لهذا العالم السخيف ،لأُخلدكَ وترحلُ أنت ..
أشتاقُكَ وأشتاقُ لأحضانِكَ ولزنَّدِكَ الذي أتوسدهُ في قيلولتي كل ظهيرة فهو فِي الليل محتكر من قِبلِ أُمي .
نسيت بأن أقول لكَ بأني أحببتُ عصير التُفاح والمانجو منذُ أولِ رشفةً توسلتني أن أتذوقهُما ، من يومها ولازلت أرتشفهُما حتى كبُرت ..
بعدك أصبحتُ أُتقن أشياء كثيرة تعلمتُها منذُ أن حال بُعدك الحول غالبيتها تخُص الرجال وأشياء أخرى لاذنب لي فيها الشيطان حرضني عليها ..
كان من ضمنها الإنتظار والفقد الفرح المؤجل وأحلام عقيمة وأشياء لها قيمة وأخرى بلا قيمة ..
أبي إن أمي نحُلَّ جسمها و رّق عظمُها و ذابت مشاعرها عندما وضعوك في ثلاجة الموتى ..
أمي لم تُصاحب بعدك سوى الراديو وإذاعة القرآن ودعوات دائمة في جوف الليل تغرسُها لك في سجداتها ،هل تسمعُها ؟
أبي إن أُمي تقرؤك السلام وتقُول لك بأن منزلنا لم يعُد به كَالسابق زحام
لقد توفي جمعٌ كبير من أصدقائِك القدام وغض الطرف عنا البقيةُ من الأنام
أنا ابنتُكَ البارة ليس بدعوةٍ في ظهر الغيب فحسب ،بل بعُمرٍ أمضيتهُ على شُرفةِ مقبرتك أذكُرُ فقدكَ في كُلِ زفرةِ حياة ..
لم أنساك أبدًا لأني أعلمُ بأنيِّ عملك الذي لم ولن ينقطع ..