الاردن . بسام العريان. نبراس اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي ووكالات الاخبار الالكترونية بتعليقات ونقاشات حادة بعضها مؤيد والبعض الآخر معارض لفكرة إنشاء ممر مائي في المملكة العربية السعودية ليربط البحر الأحمر بالخليج العربي.
حيث تم نشر خبر عن فكرة طرحها المهندس اللبناني عامر القادري مفاده شق قناة مائية بتكلفة 50 مليار دولار تربط البحر الأحمر بالخليج العربي، بهدف استخدامها في نقل النفط والبضائع، الأمر الذي من شأنه اختصار الوقت وخفض تكاليف النقل ، وأطلق على القناة المائية اسم "قناة طه" مؤكداً أنه جاري التواصل مع مكاتب علاقات عامة ومحاماة وشركات عالمية بهدف إيصال الفكرة للسلطات السعودية، صاحبة السيادة الوحيدة لاتخاذ القرار الخاص بإنشاء القناة.
فعلّق على فكرة القناة المائية ، الفلكي السعودي الأستاذ المشارك بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، والمشرف على جوال كون المتخصص بالطقس والفلك الدكتور عبدالله المسند باستحالة حفر القناة ، معللاً أن السبب هو اختلاف المنسوب المائي بين البحر الأحمر والخليج العربي مما يجعل امكانية حفر القناة مستحيلة .
مضيفاً : لحل مشكلة المنسوب الطبوغرافي، نحتاج إلى 100 سنة عمل، وأن نرهن كل نفطنا لشركة سامسونج وأخواتها!." ، و حفر قناة مائية بين الخليج العربي والبحر الأحمر لا يمكن عملياً، ولا علمياً، ولا مالياً، حتى لو استعنا بتقنية وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، أو بالجن والعفاريت".
كما علّق د.المسند على تصريح المهندس اللبناني عامر القادري حول حصوله على براءة اختراع لقناة "طه" من وزارة الاقتصاد اللبنانية ، بأنه ادعاء يحتاج إلى دليل، موضحاً "إن أثبت القادري أن وزارة الاقتصاد اللبنانية منحته براءة الاختراع فهذه طامة مزدوجة، وكارثة مركبة!!.
أما بخصوص أن القناة ستكون "مشروع سلام" باعتبارها "مشروع القرن" كما ذكر القادري ، إذ أنه يشجع على السلام في المنطقة التي ستستفيد كلها من هذه القناة بما فيها إيران، فعلّق المسند : إذا كان الهدف من شق قناة طه المائية هو الخوف من إيران ومشكلة مضيق هرمز؟ أقول: إن شق إيران نفسها واحتلالها أهون وأسهل وأرخص من شق قناة طه".
وفي خضم التعليقات والردود التي توالت بغزارة حول هذا الموضوع قمت بالبحث والتحري ووجدت أن اختلاف الآراء ما بن مؤيد ومعارض ليست هي المشكلة ، فربما يعتقد البعض أن المهندس القادري هو أول من طرح هذه الفكرة ، إلا أنها قد طُرحت قبل أكثر من ثلاثين عاماً وهي بالأساس فكرة الملك فيصل بن عبدالعزيز ال سعود يرحمه الله قبل وفاته ، وكانت الفكرة تعتمد فتح قناه مائية تربط بين الخليج العربي والبحر الاحمر لتكون معبر للسفن والبواخر التي تنقل البترول والبضائع من والى الدول المحيطة بالخليج العربي ، إلا أن الملك / فيصل يرحمه الله استشهد وهذا الحلم يراوده.
كما أنني وجدت الدكتور صالح الشادي وهو أحد الأعلام السعودية المميزة في عالم الأدب حاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة التاريخ وعمل أستاذاً في مادتي التاريخ وعلم النفس، هو أول سعودي يطرح الموضوع عبر صحيفة عكاظ في العام 2012م حيث كتب في مقالته عن هذا الموضوع أن المملكة العربية السعودية، بمكانتها وإمكاناتها الاقتصادية والسياسية، لديها الفرصة لإنشاء أضخم مشروع حيوي، اقتصادي، حضاري، وتاريخي على مستوى العالم، وبتكلفة لا تذكر أو تقارن بغيرها من المشاريع العالمية الجبارة كميزانية .. وبمردود اقتصادي مستمر لا يقل أهمية عن الدخل النفطي، على المدى المتوسط والبعيد .. وذلك من خلال التفكير بإنشاء ممر مائي يربط الساحلين الشرقي بالغربي للمملكة.
كما أوضح الدكتور الشادي ان المشروع في حال تنفيذه سيؤمن إمكانية قيام ذاتية عصرية مدنية، وصناعة سياحية، وحالات استثمارية متعددة .. وسيحدث نقلة دراماتيكية إيجابية عارمة في تاريخ المنطقة وفي جغرافيتها ومزاياها، وسيمكن المواطن والمقيم والزائر من الاستمتاع برؤية زرقة البحر في قلب الصحراء، ومن ممارسة الهوايات البحرية المختلفة، كما سيوفر للجميع فرصة التنقل والتنزه عبر جغرافية الوطن الساحرة، ومناخاته الغنية والمتباينة بإحساس مغاير، لا يشبه إلا الحلم .. الذي لا يصعب تحقيقه.
أما على صعيد المناخ والبيئة، فأوضح الشادي أن البحيرات المائية الكبرى سيكون لها دورها وأثرها في تلطيف درجات الحرارة، وفي رفد الغيث، وفي خلق الحالات المطرية التي يمكنها أن تسهم ـ بإرادة الله ـ في مد الكساء الأخضر.
وعن استحالة اقامة هذا المشروع من عدمه ذكر حينها أن سور الصين العظيم وأهرامات مصر، والسد العالي، وناطحات السحب .. وغيرها من المشاريع الإبداعية الخلاقة؛ لم تكن في الماضي سوى أحلام وخيالات، أوجدها الإنسان بعزيمته، وبطموحه الذي لا يفتر، وحقق من خلالها مفهوم الخلافة الحقة التي أوكلها الله إليه .. مؤكداً أن الإنسان السعودي ما هو إلا أحد ورثة هذه الأرض الذلول .. من حقه أن يحلم، وأن يسعى لتحقيق أمانيه، ومن واجبه أن يسهم في رفعة وإعمار وطنه وأمته؛ وأن يتباهى بدينه، وبمليكه، وبمنجزات بلاده ما بين الشعوب والأمم.
هذا ما كتبه رجل التاريخ الحديث والمدرّس رئيس نادي الصحافة الفضائية العربية الدكتور صالح الشادي في عام 2012م وكان السباق بالحديث عن هذا المشروع الضخم الذي لم يتم الأخذ به بعين الاعتبار منذ سنوات ، الا ان المهندس اللبناني عامر القادري بحسب تصريحه لصحيفة “الرأي العام” الكويتية حصل على براءة اختراع لمشروع القناة من وزارة الاقتصاد اللبنانية، وأنه يسعى لإيصال الفكرة للسلطات السعودية.
يبقى علينا أن نعلم هل حقاً حصل المهندس اللبناني عامر القادري على براءة اختراع للقناة وأنه جاري عرض المشروع على السلطات السعودية وأنه قابل للتنفيذ على أرض الواقع؟
أم أنه مستحيل كما ذكر الفلكي السعودي الدكتور عبدالله المسند حتى لو استعنا بالجن والعفاريت ؟
من الجميل أن نتمكن فعلاً في السنوات المقبلة من الاستمتاع برؤية زرقة البحر في قلب الصحراء كما ذكر الدكتور صالح الشادي.