• ×

قائمة

Rss قاريء

من عبق التاريخ - تاريخ تأسيس الدولة التركية الحديثة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
متابعات - نبراس 
أربعة انقلابات عسكرية رئيسية قام بها الجيش التركي منذ قيام الجمهورية مع مصطفى كمال أتاتورك، وقع أولها عام 1960، وثانيها سنة 1971، وكان ثالثها عام 1980، أما آخرها فكان سنة 1997. وقد نجحت حكومة العدالة والتنمية في فرض تعديلات جوهرية على دور الجيش تتلخص في حماية حدود البلاد والمواطنين.

يمكن تلمس أثر الجيش التركي في مجمل الأحداث التي جرت بعد تأسيس الجمهورية مع مصطفى كمال أتاتورك، لكن هذا الجيش تدخل بشكل مباشر من خلال أربعة انقلابات عسكرية خلال أقل من أربعين عاما، لتغيير حكومات مدنية منتخبة لأسباب مختلفة في مقدمتها حماية النظام العلماني.

أول الانقلابات وأكثرها دموية جرى في 27 مايو/أيار 1960 عندما أطاح الجيش بحكومة عدنان مندريس بعدما وجهت له اتهامات بالسماح للقوى الدينية بالعمل بحرية كانت الحكومات العلمانية السابقة قد منعتها تماما، ورغم أن مندريس لم يكن بالأصل إسلاميا فإن مجرد محاولته تخطي شكل العلمانية الذي شرعه أتاتورك كان كفيلا بمحاكمته وإعدامه مع ثلاثة من وزرائه بتهم غير جدية.

ولوحظ أن واشنطن لم تتدخل لإنقاذ مندريس رغم أنه كان قريبا منها وقدم لها وللغرب خدمات جليلة، حيث تحولت تركيا في عهده إلى مخفر متقدم واستراتيجي للحلف الأطلسي ضد الاتحاد السوفياتي والمد القومي العربي بقيادة الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر.

وجاء الانقلاب الثاني في مارس/آذار 1971، وهذه المرة لحماية المصالح الأميركية، حيث كانت البلاد تشهد صراعات دموية بين القوى اليسارية وبين القوى اليمينية (الإسلامية والقومية) المدعومة من الدولة، وكانت واشنطن تتخوف أن يتحول التيار اليساري إلى قوة جدية في الشارع التركي، خاصة بعد أن قام اليساريون الذين تدربوا في مخيمات المنظمات الفلسطينية في لبنان بعمليات مسلحة استهدفت القواعد الأميركية والعاملين فيها وقتلوا القنصل الإسرائيلي في إسطنبول.

وحدث الانقلاب الثالث في سبتمبر/أيلول 1980 وسط ظروف داخلية مماثلة لكن هذه المرة بأبعاد إقليمية، حيث كانت تركيا تعيش ظروف التمرد الكردي في جنوب البلاد بالإضافة إلى صعود القوى اليسارية، في وقت شهد تداعيات الثورة الإيرانية واندلاع الحرب العراقية الإيرانية والاحتلال السوفياتي لأفغانستان، وكان كل ذلك يجري في غمرة الحديث عن نظرية الحزام الأخضر لبريجنسكي ضد الاتحاد السوفياتي.

وكانت تركيا من أهم عناصر هذا الحزام الذي استهدف إحاطة جنوب الاتحاد السوفياتي بطوق من دول ذات صبغة إسلامية، حيث كان لانقلاب 1980 الذي أعلنت عنه واشنطن قبل السماع عنه في أنقرة، تأثير مهم وكبير في مجمل المعطيات السياسية، حيث حكم قائد الانقلاب كنعان أيفرين البلاد لمدة سبع سنوات رئيسا للجمهورية بعد أن صاغ دستورا غريبا وعجيبا ما زال الأتراك يعانون منه رغم تغيير العديد من بنوده ومواده باستثناء تلك التي تعترف لقادة الانقلاب بحصانة دستورية إلى الأبد.

وقد فشل جميع رؤساء الوزراء الذين حكموا البلاد بعد ذلك العام بمن فيهم الذين استهدفهم الانقلاب العسكري المذكور ومنهم سليمان ديميريل وبولنت أجاويد ونجم الدين أربكان في تغيير هذه المواد والمواد الأخرى المناقضة للديمقراطية وهو ما يؤكد حالة الخوف التي يعاني منها السياسيون الأتراك من جنرالات الجيش.

أما الانقلاب الرابع فجرى في فبراير/شباط 1997 وكان انقلابا "نظريا" اكتفى فيه الجيش بإخراج الدبابات إلى الشوارع في أنقرة ليضطر رئيس الوزراء نجم الدين أربكان إلى الاستقالة، قبل أن يصل الجيش إلى مقر رئاسة الحكومة.

وبرزت في هذا الانقلاب حدة الصراع العلماني الإسلامي الذي دفع إلى تدخل الجيش مرة أخرى للسبب ذاته، لا سيما وأن أربكان قام خلال العام الذي تولى فيه رئاسة الحكومة بإجراءات لم يخف فيها رغبته بتغيير معالم أساسية في النظام العلماني التركي الذي يؤكد الجنرالات أنهم أصحابه وحماته باسم الأمة التركية وإلى الأبد.

نجحت حكومة العدالة والتنمية في إصدار تشريعات قلصت عدد العسكر داخل مجلس الأمن القومي إلى خمسة مقابل تسعة مدنيين، كما جعلت الأمين العام للمجلس تابعا لرئيس الوزراء.

وفي 2013 أقرّ البرلمان تعديلا على طريقة عمل الجيش وعقيدته العسكرية التي استندت منذ تأسيس الدولة التركية الحديثة على "صيانة الجمهورية التركية وحمايتها".

وحددت الصياغة الجديدة مجال تدخل القوات المسلحة في الحياة السياسية في "الدفاع عن المواطنين الأتراك ضد التهديدات والمخاطر القادمة من الخارج"، والردع الفاعل والمشاركة في العمليات الخارجية التي يقرها البرلمان.
للتقييم، فضلا تسجيل   دخول
بواسطة : alisar
 0  0  13.4K

التعليقات ( 0 )