أكد تقرير أصدره مؤخرا الفريق المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة أن اعتقال الأطفال في مصر "منهجي وواسع الانتشار"، ملقيا الضوء على التجاوزات التي يمارسها النظام المصري بحق القاصرين.
وأوضح التقرير أن الأطفال الذين تم اعتقالهم منذ أحداث يونيو/حزيران 2013 وحتى نهاية مايو/أيار الماضي، بلغ عددهم 3002 تعرّض معظمهم للتعذيب والضرب المبرح داخل مراكز الاحتجاز.
وجاء التقرير إثر نداء عاجل رفعته منظمة الكرامة إلى الأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني 2015، بشأن اعتقال القاصر أحمد محمود طه (16 عاما).
ولم تنحصر متابعة فريق التقرير على قضية الطفل أحمد محمود، وإنما تجاوزته إلى قضايا أطفال آخرين، خلص بعدها إلى أن "الاعتقال التعسفي لأشخاص قاصرين ممارسة نظامية واسعة الانتشار" في مصر.
وأشارت هويدا حامد والدة الطفل عمرو خالد سويدان المعتقل منذ 24 يونيو/حزيران 2014، إلى أن ابنها "تعرض للاعتداء والتعذيب داخل قسم دمنهور للاعتراف بتهم ملفقة وغير منطقية، رغم عدم بلوغه سن الـ16 بعد".
الطفل المعتقل سيف أسامة شوشة (يسار) مع والده
أمل وألم
ولفتت الوالدة في حديثها للجزيرة نت إلى أنها وأسرتها فقدوا الأمل في الإفراج عن ابنهم، وباتت أولويتهم في المطالبة "بمعاملة آدمية" وتوفير الحد الأدنى من حقوق البشر للمعتقلين.
أما أسامة شوشة الذي ينتظر حكما بحق ابنه سيف (16 عاما) المعتقل منذ 3 أغسطس/آب الماضي في محاكمة عسكرية، فقد بات متخوفا من "نظرة ابنه وأقرانه المعتقلين لمصر بعد خروجهم من المعتقل".
وأضاف للجزيرة نت أن "سيف أصغر المحاكمين عسكريا في مصر، وهو من المتميزين خلقيا ودراسيا ونجح في امتحان السنة الأولى من المرحلة الثانوية وهو قيد الاعتقال، لكن لا أعلم كيف سيكون موقفه بعد تعرضه لهذه المعاملة السيئة من المسؤولين في بلده حين خروجه من المعتقل".
أما سمر ماهر والدة الطفل صهيب عماد فأبدت تخوفها الشديد من أن تصاب ساق والدها الثانية بعد إصابة الأولى وهو قيد الاعتقال، وأن يؤدي ذلك إلى خروجه "معاقا" من الاعتقال.
وأوضحت للجزيرة نت أن صهيب بعد خضوعه لعملية جراحية في ركبته اليمنى، أوصى الأطباء بمكوثه في المستشفى أسبوعين للتعافي، إلا أن إدارة السجن أصرت على إعادته إلى محبسه بعد يومين فقط من العملية، مناشدة المنظمات الحقوقية الإفراج عن ابنها وأقرانه من القاصرين.
صهيب عماد وهو مقيد في سرير بالمستشفى إثر خضوعه لعملية في ركبته اليمنى
منهجية عامة
وفي السياق ذاته، أوضح مسؤول الملف المصري في منظمة الكرامة لحقوق الإنسان أحمد مفرح أن الفريق المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة أصدر تقريره إثر النداء المقدم من منظمته، لما رصده من تعسف تجاه الأطفال المعتقلين في قضايا سياسية خلال العامين الماضيين.
وأشار مفرح في حديثه للجزيرة نت إلى أن الفريق استقر لديه أن تجاوزات وزارة الداخلية بحق الأطفال المعتقلين "ليست حالات فردية، وإنما تأتي في إطار منهجية متبعة على مستوى الجمهورية"، موضحا أن "النيابة العامة تتعامل في معظم الحالات خارج إطار قانون الطفل".
تقديرات وجرائم
من جهته أكد المحامي والناشط الحقوقي عمرو علي الدين أن التقديرات الحقيقية لعدد الأطفال المعتقلين في قضايا سياسية منذ الانقلاب، تجاوزت أربعة آلاف طفل، منهم 435 قيد الاعتقال.
ولفت علي الدين في حديثه للجزيرة نت إلى أن التهم التي توجه لهم تبدأ من "حيازة مسطرة عليها شعار رابعة، وتتدرج حتى تصل إلى الاتهام بتصنيع متفجرات وأسلحة ومحاولة قلب نظام الحكم".
وتابع "للأسف هناك جرائم اغتصاب تعرض لها أطفال داخل دور الرعاية تحت سمع وبصر النيابة العامة في كوم الدكة والمرج وغيرها من دور الرعاية، فضلا عن جرائم الإيذاء البدني".
وعادة ما تنفي وزارة الداخلية الاتهامات الموجهة إليها من قبل منظمات دولية ومحلية بارتكاب تلك التجاوزات، وتؤكد التزامها بالمعايير الدولية في معاملتها للمعتقلين في سجونها من مختلف الأعمار.