يلتقي الداخلي بالخارجي، والمحلي بالإقليمي، والأمني بالسياسي في محاولة تفسير دوافع وملابسات تنفيذ هجوم سروج بولاية شانلي أورفا التركية فثمة من يربطه بمواقف وحسابات داخلية تتعلق بطبيعة الأزمة السياسية التي أفرزتها الانتخابات فيما يربطه آخرون بالموقف من سوريا، والأكراد.
يتهم المسؤولون الأتراك تنظيم الدولة الإسلامية بتنفيذ التفجير الذي وقع في سروج بولاية شانلي أورفا الحدودية مع سوريا الاثنين الماضي، لكن سياسيين أتراكا وأكرادا قدموا قراءات مغايرة واعتبروا أن السياسة الداخلية للبلاد لها صلة بما حدث، خاصة مع تداول أخبار عن احتمال إجراء انتخابات مبكرة في البلاد.
وأعلنت السلطات التركية أن منفذ الهجوم الذي استهدف مركزا ثقافيا ببلدة سروج جنوبي شرقي تركيا يدعى الشيخ عبد الرحمن ألاغوز ويتحدر من ولاية أديمان جنوبي تركيا، وأشارت إلى أن شقيقه كان يعمل بمقهى يتردّد عليه موالون لتنظيم الدولة.
كما تعهدت الحكومة بملاحقة أتباع تنظيم الدولة داخل تركيا، وتجميد موارده المالية، وذلك حسب البيان الصادر أمس عقب الاجتماع الأمني الذي عقد في أنقرة وترأسه رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو والذي جاء فيه أيضا أن السلطات التركية ستقوم بتعيين طواقم استخباراتية إضافية لملاحقة هؤلاء وإقرار ميزانية خاصّة لهذا الأمر.
واعتبر البيان التفجير "ردّة فعل لتنظيم الدولة ضد تركيا التي اعتقلت خلال الأشهر الستة الأخيرة ما يزيد على ستمئة شخص يشتبه برغبتهم في الالتحاق بصفوفه، كما قامت بإلقاء القبض على أكثر من 150 من عناصر التنظيم داخل البلاد".
بلال سمبور يعتبر التفجير تخويفا للأكراد (الجزيرة)
رسالة تخويف
وبعد الحادث دعا صلاح الدين ديميرتاش -رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، المكون الكردي بتركيا- إلى "حماية نفسه بنفسه"، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه دعوة للتسلح، تعزز دعوة مسؤول تنظيم حزب العمال الكردستاني جميل باييك أكراد تركيا إلى تنظيم صفوفهم والتسلح للمرحلة المقبلة.
واعتبر المحلل السياسي بلال سمبور التفجير "رسالة تخويف من قبل تنظيم الدولة لأكراد سوريا وتركيا مفادها أنه لن يسمح لهم بإقامة علاقة وطيدة فيما بينهم لأن خسارة التنظيم أمام القوات الكردية المسلحة جعله يسعى إلى إشعال الصراع بين الحكومة التركية والحركات الكردية".
وقال سمبور للجزيرة نت إن تنظيم الدولة "يريد ردع تركيا عن مواصلة تقديم الدعم اللوجيستي لقوات التحالف الدولي التي تقصف أهدافه، خاصة مع تناقل أخبار عن إمكانية السماح لطائرات أميريكية بدون طيار لاستخدام قاعدة إنجيرليك الجوية التركية".
من جهته ربط المحلل السياسي محمد كولات التفجير بالأزمة السياسية للبلاد، واتهم "أطرافا داخلية وخارجية" بمحاولة قطع الطريق أمام حزب العدالة والتنمية لكي لا يعود إلى تشكيل حكومة أغلبية من جديد. خصوصا وأن الوقت المحدد لتشكيل حكومة ائتلافية على وشك الانتهاء دون وجود مؤشر لنجاح المحادثات ما يعني ان خيار الانتخابات المبكرة يلوح في الأفق.
محمد كولات يربط التفجير بالأزمة السياسية (الجزيرة)
استهداف العدالة
وأشار كولات -في حديثه للجزيرة نت- إلى الانفجارات التي استهدفت تجمعات كردية قبيل الانتخابات التشريعية في السابع من يونيو/حزيران الماضي، قائلا "إنها أدت إلى خسارة حزب العدالة والتنمية أصواتا كثيرة مقابل ارتفاع أصوات حزب الشعوب الديمقراطي".
أما سرحات إركان -الخبير في شؤون الجماعات "الإرهابية"- فاعتبر التفجير هو "مؤشرا لتفاقم الصراع بين المنتمين لجماعات متطرفة مؤيدة لتنظيم الدولة والقاعدة في تركيا وبين أنصار حزب العمال الكردستاني" واستبعد أن يكون تنظيم الدولة استهدف تركيا بهذا التفجير بسبب ما يتداول عن إمكانية فتح قاعدة إنجيرليك أمام العمليات العسكرية الأميركية ضد أهداف للتنظيم بسوريا "لأنه كان بإمكانه تفجير مؤسسات حكومية تركية أو أهداف أميركية بتركيا".
يشار إلى أن السلطات التركية اعتقلت مؤخرا ما يزيد على ستة آلاف شخص من جنسيات مختلفة كانوا ينوون الالتحاق بصفوف التنظيم وقامت بترحيلهم إلى بلدانهم، كما منعت أكثر من 15 ألف مقاتل أجنبي من دخول الأراضي التركية
وسيمة بن صالح-أنقرة نقلا عن الجزيرة