جزء من حلقة " الأكل المهدر " في برنامج " خواطر 11 " , حثت على الاهتمام بزراعة النباتات و إعادة تدوير النفايات فيما يعود على البيئة بالنفع .
قد ذكرتني الحلقة بأحد محاسن مدرستي -التي أحب تذكرها و ذكرها- " الثانوية الخامسة و الخمسون نظام مقررات بجدة " كونها إحدى " المدارس المعززة للصحة " فأفخر أني كنت إحدى طالباتها و تخرجت منها فقد كانت و ما زالت نبراس للتميز و الفن و الرُقي كما اتمنى أن تسلك باقي المدارس الحكومية طريقتها , فمن أحد المزايا التي كانت تميزها عن غيرها من المدارس تعزيزها لمفهوم أهمية وجود النباتات في البيئة المدرسية و نجد لدينا قلة من المدارس التي تغرس ثقافة الاهتمام و المعرفة بالنباتات و أهمية استثمار مخلفاتنا من طعام أو من مياه زائدة عن استخدامنا بالاستفادة منها
فقد اهتمت الثانوية " الخامسة و الخمسون - نظام مقررات " بجانب التربية الأخلاقية و التعليمية بالتوعية البيئية كما لمست أيضاً اهتمامها بالتربية الجمالية . ركزت على رعاية النباتات و المحافظة عليها , فعددت من انواع النباتات الموزعة في أرجاء المدرسة كما أنها شجعت على إقامة مشروع في المدرسة بإسم " مشتل النور" خصصت له ساحة للنباتات وفرت بها أنواع عديدة من النباتات و الزهور مما أتاح لطالبات المدرسة فرصة للتعرف على أنواعها و تعلم كل ما يختص بالزراعة من أدوات للبستنه و نوعية التربة الزراعية و اختيار الاحواض المناسبة للنباتات , كما كان المشروع تطبيق عملي داعم و متمم لدراستنا كطالبات مسار علمي آنذاك لمنهج مادتي علم البيئة (Ecology) و الأحياء (Biology) ؛ فكنا نحضر حصص هاتين المادتين في الساحة الخارجية للمدرسة للتفاعل مع الدرس بدراسة النباتات عن كثب (قرب) , كما اهتم المشتل بالتثقيف العلمي و زيادة الوعي البيئي لدى الطالبات عن طريق تعليق منشورات و إرشادات تعليمية و كتابة الاسم و النوع على كل نبته في ساحة المدرسة , وقد تميز المشتل باحتوائه على وسائل ترفيه متنوعة لجذب الطالبات .
صديقات للبيئة
من جهة أخرى حقق المشروع أثر إيجابي فقد عزز مفهوم تقدير المياه الزائدة عن استخدام الطالبات فأذكر أنه منذ بداية إقامة المشروع في المدرسة اصبح لدينا نحن الطالبات اهتمام فلم نعد نرمي مياه الشرب الزائدة عن استخدامنا بل نستفيد منها و نضيفها لري النباتات أو نضع عبوة الماء بجانب أصيص النبتة إن لم تكن تحتاج في ذلك الوقت إلى الماء .
التربية الجمالية
في رأيي أن أسمى مراتب التربية هي التربية الجمالية أو التربية على حب الجمال , و في مدرستي تذوقت الجمال فإعتدت على احترام النباتات و الأزهار , فإن رائحة و ألوان النباتات اضفت على المدرسة لمسة جمالية خلابة , فكان تأمل النباتات المتسلقة وباقي الأزهار و النباتات الخضراء بمثابة تربية جمالية لنا نتمتع بها كل صباح و طيلة فترة الدوام نتذوق و نستشعر جمالها , علاوة على ذلك فقد كان لها أثر صحي و نفسي إيجابي على جميع أفراد المجتمع المدرسي لكمية الطاقة الإيجابية التي تنبعث منها .
التغيير يبدأ من المدرسة أولاً
كما يؤكد دائماً معلمنا الفاضل أحمد الشقيري في برنامجه بقوله : " أن أي تغيير يبدأ من المدرسة أولاً " أي أنه : التغيير الذي نريد أن نراه في المجتمع لابد أن يبدأ أولاً تطبيقه في المدرسة و يكون من مسؤولياتها , فأحببت أن اشارككم هذا الأثر و التغيير الذي تركته مدرستي " الثانوية الخامسة و الخمسون- نظام مقررات " في نفسي , فأشعر بالعرفان لمدرستي و أرى أنه من أفضل طرق شكرها هو أن أنقل وأنشر كل ما تعلمته بها كي تعم الفائدة على المجتمع .
أيضاً يتجلى هدفي من كتابة هذا المقال في تقديم مدرستي كنموذج متواضع إلى المدارس الحكومية و استعراض الآثار الإيجابية لبرنامج"المدارس المعززة للصحة" و لمشروع المشتل بشكل خاص التي تلخصت أهدافه بغرس ثقافة الاهتمام و المعرفة بالنبات و تعزيز مفهوم الاستفادة من المياه و تنمية الحس الفني بتذوق جمال النباتات و كل ذلك عمل على زيادة الوعي البيئي للطالبات .
كم اتمنى أن يطبق هذا المشروع فعلياً في باقي المدارس الحكومية فسيساهم ذلك في إعداد نشئ صديق للبيئة محب لها , تذوق أثرها النفسي فأصبح يحترمها و يهتم لنباتاتها , معتاد على استشعار الجمال الذي يكمن بالطبيعة .