لم يكن بإمكاني أن أغض بصري عن الحياه ..
كانت بفواجعها تقتلُني !
إفتقدتُ بعضًا مني ..
حينما رأيتُك نائماً في تلك الحجرةِ البارده..
إرتعش جسدي ..
وشددت قبضة يدي ..
وزفرت !
حاولتُ مجهدة تمالك قوتي ..
ونظرتُ إليك عن قرب ..
بدموعٍ لا تعرفُ من أين ذُرفت ..
ولا السبب الذي جعلها تذرفُ بشده !
نَادِيتُك ..
أعلمُ أنك كنت تسمعني لكنك لا تعي ما أقول ..
كنتَ تحت رحمة خالقي ..
منهكُ الجسد تحاصرك الأجهزة الطبية..
أراهم يربطون لسانُك ..
يشفطون البلغم ..
ويضعون لك جرعة الأسبرين في وقت ثابتٍ يوميًا ..
أوردتُك أصابها العطب من كثرة الأبر !
ما عدت ذاك الرجلُ المليح ..
عم الشيّبُ رأسِك !
عقدتُ صفقةً مع ذاك المشفى لزيارتِك كل ليلةٍ..
- في اليوم الأول :
رأيتُك في منامي وكأنك جالسٌ على ذاك السرير الأبيض ..
بلباس ثوبٍ و شماغٍ مبهرجٌ ..
تبتسمُ لي ..
ثمّ أفقتُ مفجوعةٍ ..
كنتُ أود السلام عليك وتقبيلك ..
لكن سرعان ما نظرتُ لحقيقةَ المكان من حولي !
- وفي اليوم الثاني :
كنتُ اُفكر ..
كيف أن الحياة تُجرعنا آلامٍ كهذه ..
و تقتلنا ونحنُ على قيّدها !
- وفي اليوم الثالث :
إنتظرتُك ..
- وفي اليوم الرابع :
بكيتُك حرقةً ..
- وفي اليوم الخامس :
كنتُ في الجامعه ..
لا أستطيعُ مشاهدةَ صديقاتي جيدًا ..
وكأن هناك غشاوةٌ على عيني تعمي بصيرتي !
- وفي اليوم السادس :
صنعتُ حديثًا خاص بيني وبينك ..
علّ إشتياقي المبرحُ يهدأ قليلًا !
- وفي اليوم السابع :
إنتظرتُك ..
- وفي اليوم الثامن :
بكيتُك حرقةً ..
- وفي اليوم التاسع :
يومًا بعد يوم أذهبُ لزيارتِك ..
لكن في هذا اليوم خاصةً ..
سقطت .. ما عدتُ أحتمل ..
ولم يسمحون لي بالزيارة المطوله..
لا يعلمون أن حياتي معلقةٌ بك ..
كنتُ أظنك ستفيقُ من غيبوبتِك..
وتصنعُ من كل ألمٍ فرحةٍ ..
وتجعلُنا شاكرين للهِ سُجدًا ..
لكنك مازلت في غيبوبةٍ !
- وفي اليوم العاشر :
كنتُ ذاهبةً لزيارتِك ..
ثمّ أفجعني الإتصال الكاذب ..
قالوا بأن هناك " فايروس " منتشر في أرجاء العناية المركزه..
وأن الزيارة في هذا اليوم تمنعُ منعًا باتًا ..
كانت أشبهُ بخدعةٍ خرساء !
تنويه !
هذا اليوم كان يوم الأحد ..
عندما قبلتُك على جبينك آخرِ قبلةٍ ..
وصليتُ عليك صلاةٍ لا سجود لها ..
وشيعوا جثمانُك أمام عيني ..
وأقاموا التعازي عليك ..
عقب كل ذلِك ...
فقدتُ نفسي !
لا شيء أقسى من رؤيتك في العناية المركزه..
إلا رؤيتك جنازةٌ !
منذُ أن فقدتُك في آخرِ صرخةٍ ..
و أنا أنظر للعالم ببلاده..
أنا لا أشعر وحسب !
لاشيء يجعلُ الحياة محتمله غَيرُك ..
و لا شيء يجعلُ من كل وجعٍ تفاهةٍ سواك ..
أفتقدُك ..
حدّ أني فقدتُ بحة صوتي ..
إبتسامتي الجميله ..
ضحكتي المتعاليه..
جمالي ..
لطافتي !
ونجاحي ..
وشغفي..
مامن غَيرُك جعلني أرسبُ في مادةٍ ..
وأرمي بأحلامي عرض الحائط ..
ويتدنى مستواي ..
وأدرسُ اللغة العربية سنةٍ آخرى !
- أفتقدُك ..
حدّ أنك علمتني الفرق بين البكاءَ العادي و البكاءَ المُبرح ..
والحياةُ البسيطه والحياةُ الدميّمه !
ليس بالأمر الهيّن ..
أن يوقفوني أمام جنازتُك ..
لأقبلُك على جبينك آخرِ قبلةٍ ..
ومن ثمّ بعدِها اُقبلُ ثيابِك !
أبي ..
كلما أحرزتُ تقدمًا في الدعاء لك ..
سرعان ما تهتفُ لساني بِشافاكَ الله !
يا الله هل إنتهى الوقت حقيقةً ..
أم أني في مسيرة حلمٍ لم أفيقَ منه بعد !
للكاتبه #ريم_الأحمد *
twitter.com/al_ree19
(انا لله واِنا اليه لراجِعُون)