منال فدعق - جده
عبارة ترددت في مسلسل قديم عُرض منذ أكثر من ٢٥ عاماً وخطرت على بالي عندما مرت بي سيارة قبل أيام وكانت سرعتها شديدة لدرجة أحسست فيها أن صاروخاً أنطلق من جانبي .
والمؤسف أن تلك السيارة التي فاجعتني بمرورها من أقصى اليسار إلى اليمين من أجل أن تلحق الدخول في خط الخدمات ، إصطدمت بشدة بحائط صد أمام عيني و انقلبت على الرصيف .
ولن استرسل في وصف ما حدث لسببين : أولهما معرفتكم المتوقعة بالنتائج وتخيلكم للحدث ، وثانيهما حالة "روغان" القلب التي تنتابني عندما اتذكر الحادثة .
لم يكن ذلك الصاروخ هو الأول الذي يمر بي أو بغيري بل صواريخ. وخصوصاً عند اللحاق بالإشارات ، أو تجاوز التقاطعات ، وفي حالة "المجاكرات" . وإن كنت أستخدم الكلمة كتعبير للتشبيه إلا أنني أشعر أن بعض السيارات وسائقيها قد تحولوا لذلك فعلاً و قد يحتاجوا تركيب أجنحة ومحركات نفاثة قبل البدء في رحلة الإنطلاق . وأسأل نفسي لِمَ كل هذه السرعة ؟ وماهو الشيء الضروري الذي يستوجب ذلك ؟ وماهو الشي الذي ينتظرهم وهم مستعجلون لهذا الحد من أجل أن يدركوه ؟ وهل يعي أحدهم أن إحتمالية الوصول إليه قد لا تتحقق ؟
لن أتحدث عن الحوادث اليومية في أهم مدن المملكة، ولا عن نسبة الحوادث في السعودية مقارنة بالنسب في الدول العالمية الأخرى ، ولا عن قطع الإشارات وتعدي السيارات والسقوط عن المسارات . ولن أتطرق "لساهر" ومؤيديه أو معارضيه، ولن أشرح معنى الرقابة الذاتية والوعي الإجتماعي وقوانين المرور و الأمن والسلامة ولكنني سأصف بإختصار شديد شعور وتصرف أم في حالة إبلاغها عن حادث أصيب فيه إبنها . وهذا ما تخيلته عند مشاهدتي تلك الحادثة .
ولا أستثني الأب إنحيازاً ولكني أترك الفرصة لغيري لنقل مشاعر رجل .
فبمجرد أن يقع الحادث و أخص في ذلك الحوادث الكبيرة الخطيرة التي تكون حالة المصابين فيها حرجة ، يبدأ المحاطين البحث عن بطاقاتهم وهواياتهم للتمكن من الحصول على أرقام ذويهم حتى يتصلوا بهم لإبلاغهم . ويحرصوا في الغالب على تبليغ الأب أو الأخ أو اي قريب مذكر بدلاً من الأم مراعاة لأثر الصدمة عليها إلا إذا صادف ردها على الرقم المتصل به . وسواءً تلقت هي المكالمة أو تم إبلاغها بطريقة أو بأخرى من قبل من حولها ممن بلغهم الخبر ، فستكون أول المتقدمين للخروج من منزلها لترى فلذة كبدها. الدموع تنهمر من عينها ، صوتها يجهش بالبكاء ، دعواتها تسمع ، دقات قلبها تتزايد ، ذكرياتها مع ذلك الإبن تمر كشريط بين عينيها .
الكل صامت إلا هي بكل كيانها تتحدث وإن لم يسمع لها صوتاً . و إذا وصلت حيث يوجد إبنها تتسابق لكي تكون أول من تقع عينها عليه ، وفي هذه اللحظة بالذات ينتابها الخوف الشديد .
أهو حي أم .. لا لا أريد سماع هذه الكلمة ، أهو سليم وهي مجرد رضوض أم أصيب بأذى كبير ، أسيعود معي للبيت أم سيبقى أياماً في المشفى ؟ وإذا كان ذلك ، سأبقى معه سأرافقه سأخدمه سأقبل رجليه لن أتركه لحظة حتى نغادر سوياً وهو مشافى معافى. ولكن ماذا لو ...؟! وهل سيبقى طوال حياته بهذه الحالة ؟ ومن أين ستبدأ رحلة العلاج؟ وماذا أفعل حتى لا تتأثر نفسيته؟ وماذا عن دراسته، أحلامه ، طموحه ، مستقبله ، أتتمنى أنه قد مات بدلاً من أن تراه عاجزاً في مكانه ؟ فالموت في بعض الأحيان قد يكون أرحم وأخف من ألمٍ يستمر دهراً . أما إذا شاء القدر و كان الموت نهايته فكيف سيكون حالها ؟ موقف أليم ، حزن شديد ، غصة وحنين ، هروب وغياب ، رضا وثبات ، ذكريات ، دموع، و آهات . والحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه . حقيقةً أعجز عن وصف الحال وكتابتي ما هي إلا للتذكير وليست للترهيب ولم أكن لأكتبها إلا عندما زاد الحال وحمل على الأكتاف شباب ورجال وعانى من أثر السرعة جماعة من قريب وبعيد . السيارة أعزائي ماهي إلا جماد وحديد نحن من يتحكم فيه وقيادة السيارة فن وذوق، فهم ورقي ، قدرة ومسؤولية . فرفقاً بأنفسكم ووالديكم وأرحموا ضعف أم وكسرة أب .
عبارة ترددت في مسلسل قديم عُرض منذ أكثر من ٢٥ عاماً وخطرت على بالي عندما مرت بي سيارة قبل أيام وكانت سرعتها شديدة لدرجة أحسست فيها أن صاروخاً أنطلق من جانبي .
والمؤسف أن تلك السيارة التي فاجعتني بمرورها من أقصى اليسار إلى اليمين من أجل أن تلحق الدخول في خط الخدمات ، إصطدمت بشدة بحائط صد أمام عيني و انقلبت على الرصيف .
ولن استرسل في وصف ما حدث لسببين : أولهما معرفتكم المتوقعة بالنتائج وتخيلكم للحدث ، وثانيهما حالة "روغان" القلب التي تنتابني عندما اتذكر الحادثة .
لم يكن ذلك الصاروخ هو الأول الذي يمر بي أو بغيري بل صواريخ. وخصوصاً عند اللحاق بالإشارات ، أو تجاوز التقاطعات ، وفي حالة "المجاكرات" . وإن كنت أستخدم الكلمة كتعبير للتشبيه إلا أنني أشعر أن بعض السيارات وسائقيها قد تحولوا لذلك فعلاً و قد يحتاجوا تركيب أجنحة ومحركات نفاثة قبل البدء في رحلة الإنطلاق . وأسأل نفسي لِمَ كل هذه السرعة ؟ وماهو الشيء الضروري الذي يستوجب ذلك ؟ وماهو الشي الذي ينتظرهم وهم مستعجلون لهذا الحد من أجل أن يدركوه ؟ وهل يعي أحدهم أن إحتمالية الوصول إليه قد لا تتحقق ؟
لن أتحدث عن الحوادث اليومية في أهم مدن المملكة، ولا عن نسبة الحوادث في السعودية مقارنة بالنسب في الدول العالمية الأخرى ، ولا عن قطع الإشارات وتعدي السيارات والسقوط عن المسارات . ولن أتطرق "لساهر" ومؤيديه أو معارضيه، ولن أشرح معنى الرقابة الذاتية والوعي الإجتماعي وقوانين المرور و الأمن والسلامة ولكنني سأصف بإختصار شديد شعور وتصرف أم في حالة إبلاغها عن حادث أصيب فيه إبنها . وهذا ما تخيلته عند مشاهدتي تلك الحادثة .
ولا أستثني الأب إنحيازاً ولكني أترك الفرصة لغيري لنقل مشاعر رجل .
فبمجرد أن يقع الحادث و أخص في ذلك الحوادث الكبيرة الخطيرة التي تكون حالة المصابين فيها حرجة ، يبدأ المحاطين البحث عن بطاقاتهم وهواياتهم للتمكن من الحصول على أرقام ذويهم حتى يتصلوا بهم لإبلاغهم . ويحرصوا في الغالب على تبليغ الأب أو الأخ أو اي قريب مذكر بدلاً من الأم مراعاة لأثر الصدمة عليها إلا إذا صادف ردها على الرقم المتصل به . وسواءً تلقت هي المكالمة أو تم إبلاغها بطريقة أو بأخرى من قبل من حولها ممن بلغهم الخبر ، فستكون أول المتقدمين للخروج من منزلها لترى فلذة كبدها. الدموع تنهمر من عينها ، صوتها يجهش بالبكاء ، دعواتها تسمع ، دقات قلبها تتزايد ، ذكرياتها مع ذلك الإبن تمر كشريط بين عينيها .
الكل صامت إلا هي بكل كيانها تتحدث وإن لم يسمع لها صوتاً . و إذا وصلت حيث يوجد إبنها تتسابق لكي تكون أول من تقع عينها عليه ، وفي هذه اللحظة بالذات ينتابها الخوف الشديد .
أهو حي أم .. لا لا أريد سماع هذه الكلمة ، أهو سليم وهي مجرد رضوض أم أصيب بأذى كبير ، أسيعود معي للبيت أم سيبقى أياماً في المشفى ؟ وإذا كان ذلك ، سأبقى معه سأرافقه سأخدمه سأقبل رجليه لن أتركه لحظة حتى نغادر سوياً وهو مشافى معافى. ولكن ماذا لو ...؟! وهل سيبقى طوال حياته بهذه الحالة ؟ ومن أين ستبدأ رحلة العلاج؟ وماذا أفعل حتى لا تتأثر نفسيته؟ وماذا عن دراسته، أحلامه ، طموحه ، مستقبله ، أتتمنى أنه قد مات بدلاً من أن تراه عاجزاً في مكانه ؟ فالموت في بعض الأحيان قد يكون أرحم وأخف من ألمٍ يستمر دهراً . أما إذا شاء القدر و كان الموت نهايته فكيف سيكون حالها ؟ موقف أليم ، حزن شديد ، غصة وحنين ، هروب وغياب ، رضا وثبات ، ذكريات ، دموع، و آهات . والحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه . حقيقةً أعجز عن وصف الحال وكتابتي ما هي إلا للتذكير وليست للترهيب ولم أكن لأكتبها إلا عندما زاد الحال وحمل على الأكتاف شباب ورجال وعانى من أثر السرعة جماعة من قريب وبعيد . السيارة أعزائي ماهي إلا جماد وحديد نحن من يتحكم فيه وقيادة السيارة فن وذوق، فهم ورقي ، قدرة ومسؤولية . فرفقاً بأنفسكم ووالديكم وأرحموا ضعف أم وكسرة أب .