منال فدعق - جدة
يختلف الكثير في تحديد عمر الفئة التي يطلق عليها كبار سن . وقد يرى البعض انها تشمل الذين تعدوا الستينات من العمر و يجزم الآخر على أنهم اولئك الذين بلغوا السبعينات وما فوق . وحتى نتفق على رأي محايد ، استبعدت تصنيفهم إعتماداً على العمر حيث أن هذا الأمر حساساً ، خاصةً للنساء سواءاً صَغُرَ سنهم او كَبُرَ .
وآثرت أن أبحث عن تعريفٍ آخر بتصنيفٍ مختلف .
فكبار السن هم أشخاص أصبحوا غير قادرين على القيام بالأعمال التي كانوا يقومون بها من قبل ، بل وأصبح بعضهم غير قادرين على خدمة أنفسهم وهم في حاجة لمساعدة غيرهم . و الحقيقة أن بيوتنا لا تكاد تخلو من كبار سن سواء والدين ، أقارب ، أو أجداد ممن يحتاجوا إلى رعاية و إهتمام كبير ومعاملةٍ خاصة .
فأين نحن من اولئك ؟ وهل لدينا خبرة عن بعض مشاكلهم ؟
و هل شعرنا بهم و بإحتياجاتهم ؟ وماذا قدمنا لهم ؟
وكيف نسهل عليهم إجتياز هذه المرحلة ؟
وهل أعطيناهم من وقتنا وجعلناهم من إهتماماتنا ؟
أم أننا منغمسين في إنشغالاتنا ؟
ولسان حالنا يقول " اللي عندنا يكفينا "
هذا قليل مما خطر في بالي من اسئلةٍ كثيرة وجهتها لنفسي قبل أن اشرككم الإطلاع عليها ، وأعترف عن نفسي و أستسمحكم الإذن في الإعتراف عنكم بأننا مقصرون في حقهم كثيراً و إن كنا ومازلنا نقدم لهم شيئاً إلا أننا نحتاج أن نفعل المزيد .
فكبار السن يعيشون أغرابُُ بيننا ، فقد رحل أحبابهم ولم يبقى لهم سوى الذكريات و قد لا يحلو واقعنا لهم في أحيانٍ متعددة. هذا إضافةً إلى ما قد يصيب بعضهم من أمراض الكبر و الشيخوخة كهشاشة العظام ، الهذيان ، الزهايمر ، أو الإكتئاب ناهيكم عن الأمراض العضوية الأخرى .
ولا يخفى عن الجميع أوضاعهم في مجتمعنا وظروف معيشتهم ، فهم يفتقدوا الأندية التي من شأنها أن تكون مخصصةً لإجتماعهم بمثلائهم . و يفتقدوا الأماكن الترفيهية التي يمكن أن يرتادوها للتسلية . و أصبحت المطاعم و الأسواق أماكن لا تناسب الكثيرين منهم نظراً لإزدحامها او لكثرة المناظر و السلوكيات السلبية التي تحدث فيها مما يؤذي أنظارهم . وأضف إلى ذلك القصور الإجتماعي الشديد من قبل المقربين من زيارتهم او السؤال عنهم ، مما جعل حياتهم رتيبةُُ مملة مختصرة على النوم ، الأكل ، و التلفاز في الغالب .
ولن استرسل في كتابة ما يجب وما يكون ولكني سأقتصر على بعض الأفكار التي وردتني والتي ارسلتها لي أيضاً أمُ ُ حريصةُ ُ لأحدى طالباتي رغبت في تعميم الفائدة .
• تحدثوا مع كبارنا بالأحاديث التي تحلو لهم .
* و أنصتوا لما يتفاخروا بالتحاكي عنه و أعطوهم الفرصة للحديث .
* لا تحاولوا تصحيح معلوماتهم بل دعوهم يشعروا أن معلوماتهم جديدة بالنسبة لنا .
* أقضوا معهم وقتاً ولا تشعروهم بالملل .
* حفزوا ذاكرتهم واسألوهم عن حكاياتهم وذكرياتهم القديمة .
* دعوهم يشعروا بأن جلوسكم معهم ليس واجباً ثقيلاً بل وقتاً ثميناً تحرصوا عليه .
* صافحوهم ، قبلوا رأسهم ، رحبوا بهم ، أفرحوهم .
* إهتمو بنظافتهم الشخصية ، حتى لو كان بمساعدتهم على الإستحمام و إرتداء الملابس و إختيار ما حُبب لهم منها وتطييبهم ، تجميلهم ، وتحصينهم ، والدعاء لهم ، و أحرصوا على سماع الدعاء منهم .
* إهتموا أيضاً بنظافة غرفهم وفرشهم و تهويتها و تعقيمها .
* قدموا لهم ما يحبون من أطعمة و شراب.
* وأسألوهم عن ما يرغبوا بتناوله حتى و إن كان بعضها يسبب لهم المضاعفات الصحية إلا أن تقديم شيئاً بسيطاً منها لهم سيدخل السعادة و السرور عليهم.
* و أحرصوا على تناول الوجبات معهم و أشركوا أولادكم كذلك .
* جالسوهم ولا تتركوهم للوحدة والشعور بالألم و المرض.
* اصطحبوهم إذا أمكن لزيارة بعض من يعز عليهم ولو كانت زيارة بسيطة لمدة قصيرة بعيدة عن التكلف . والمجاملات و استضيفوا من يحبوا من رفقائهم براً بهم .
* عرفوا أفراد الأسرة حقوق المسن وضرورة العناية به ودربوهم على ذلك .
* لا تنشغلوا بالقضايا السلبية التي حصلت أو قد تحصل بينكم معهم .
* ولا تجعلوهم خصماً وتناسوا ما فات منهم فليسوا الآن مقام عتاب ولا لوم ولا عقاب ولا حساب .
* راعوهم وراعوا مرضاكم و أرحموا ضعفهم وأحسنوا إليهم يحسن الله لكم .
كبار السن هم الخير و البركة فوجودهم في المنزل يضفي جواً آخر للأسرة إذا نجح أصحاب القرار فيها في استغلال وجودهم في توطيد العلاقات ، توزيع المسؤوليات و المشاركة ودعم الجانب الديني فيما يخص مساعدتهم والجانب الإجتماعي فيما يخص رعايتهم ويكفي أنهم في معظم أوقاتهم صائمين قائمين مسبحين ذاكرين للقرآن تاليين .
إنهم في حاجة إلى حسن التعامل الذي يعتمد على إشعارهم بقوتهم وفضلهم . إنهم في حاجة لإظهار السعادة بقدومهم والتبسم في وجوههم و إشعارهم بحب الجميع وفرحتهم بوجودهم .إنهم أنسنا وفخرنا وبابنا للجنة .
فليلتفت كل منا إلى من حوله من كبار سن و إن فقد والديه أو احدهم فليبحث في الاقرب وليعتبر صلته بهم براً بوالديه وينوي زيارتهم وصلاً له بهم.
و لنبدأ بأنفسنا ونعود أبنائنا ومن رَاعى رُوعي