المحامي والكاتب - ابراهيم الشدوي
من الطبيعي أن يقع الإنسان في الخطأ بسبب الظروف التي تحيط به أو جراء التربية الغير سوية أو التأثير عما يدور حوله من سلبيات او مع ضعف الوازع الديني كذلك يكون معرض للخطأ او الخروج عن سلوك المجتمع والنظام العام .
وعندما يخطىء الإنسان ويخرج عن سلوك مجتمعه وعن القانون ويتخذ طريقا ملتويا أيا كان نوعه, يصبح قاب قوسين او أدنى من طريق الإجرام ،
وعند وقوعه يصبح جاني تجاه دينه ونفسه ومجتمعه ووطنه ويقبض عليه ليودع في دور التوقيف لبدء التحقيق معه.
فهنا يغلب على أصحاب السلطة في الجهات المخصصة شعور بإقصاء المتهم والتأثير على سير ملف التحقيق لتوقيع أشد العقوبات عليه دون مراعاة حق المتهم في الدفاع عن نفسه ورد التهم المنسوبة إليه التي لم يرتكبها أو التهم التي فقدت إحدى أركانها سواء المادي أو المعنوي ويكون النتاج سلبي وليس ايجابي.ولا يصل التحقيق للغاية المرجوة منه.
بينما الغرض الأساسي من العقوبة هو إصلاح الجاني وقد يكون إيداع المتهم أو الجاني في دور التوقيف كافية لإصلاحه دون إجراء التحقيق معه إذا كانت جريمته من الجرائم البسيطة التي لم يصب بها حدا أو اعتداءً على حق خاص.
فإن كان ولا بد من التحقيق معه وإيقاع العقوبة لكي لا تضيع الحقوق فمن الواجب أن نعطي المتهم الحق في الدفاع عن نفسه . ومعظم المتهمين يجهلون ذلك الحق المشروع لهم!
والأدهى من ذلك أن يستغل المحقق المباشر في التحقيق جهل المتهم لحقوقه للدفاع عن نفسه لصالحه أو لصالح المجني عليه حتى وإن كانت مصلحة المجني عليه مقدمه على مصلحة الجاني إلا أن المقصد هنا حيدة التحقيق والعدالة وعدم الإنحياز لأي طرف كان دون وجه حق , وإن لم يحصل ذلك أي (حيدة التحقيق) سيصل الأمر إلى تدوين تهم جانبية للجاني لاأصل لها في الجريمة ودون أدلة قاطعة أو مشتبه فيها تؤثر على سير التحقيق بشكل غير عادل لتقع العقوبة مغلظة عليه من المحكمة.!! ودائما ما يواجه المتهم المغلوب على أمره المجتمع والمحقق والقاضي ولسان حاله يقول (جيتكم واحد وجيتوني جماعة) !!
وبعد إيقاع أشد عقوبة على الجاني وقد يكون لا يستحقها يصبح أثر ذلك سلبي وليس إيجابي فبدلا من إصلاح الجاني نغرس فيه عداوة تجاه المجتمع والعدالة (المحاكم) وقد يلجأ إلى الإنتقام والكره والإستمرار على سلوكه الإجرامي وخاصة عندما لا يكون للمتهم أي سوابق جنائية. وتكون جريمته بسيطة.
وعندما نرجع للشريعة الإسلامية نجد أن حق المتهم في الدفاع عن نفسه واجب إتباعا لقوله صلى الله عليه وسلم ( اذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر فسوف تدري كيف تقضي ) رواه الترمذي
فحق المتهم في الدفاع عن نفسه حق أصيل كفلته الشريعة الإسلامية إن كان قادرا عليه , فإن كان عاجزا أو راغبا في إنابة من يدافع عنه , فإن أصول الشريعة الإسلامية تجيز له أن يستعين بمدافع عنه يكون أثبت نفسا وأصفى فكرا و أبسط حجة لعمق درايته بأحكام الشريعة الإسلامية والنظام الإجرائي الجزائي . ومثال ذلك أن موسى عليه السلام استعان بأخيه هارون عليه السلام لدفع التهمة المنسوبة إليه إذ أنه أفصح منه لسانا وأقوى حجة لقوله تعالى (﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34 )
وبكل صراحة عندما أقابل أحداث أو شباب وقعوا في جرائم وخاضوا معركة التحقيق وتم إيقاع العقوبة عليهم أجدهم مشحونين من الظلم الذي انتابهم من جراء عدم سير التحقيق بشكل عادل وعدم تحقيق الغرض المرجو منه وهو إصلاح الجاني لا من أجل إيقاع اشد العقوبات عليه !!
ومن الواجب علينا نحن كمحاميين وقانونيين أن نكتب ونصل بصوتنا للتوعية بالحقوق والواجبات واحترام النظام و(جل من لا يسهو). جميعنا معرضون للخطأ سواء بقصد أو دون قصد – ولا بد لنا أن نوضح أن المتهم مهما فعل فهو يبقى إنسان معرض للخطأ ويتقبل الإصلاح والتغيير , فمهمتنا تسهيل كافة العقبات للمتهم للدفاع عن نفسه , فغالبا ما يجد صعوبة لاستخدام حقه سواء بنفسه أو بتوكيل محامي ناهيك عن الصعوبات التي يواجهها في توكيل محام وهو في داخل دور التوقيف أو السجن المؤقت وكذلك الاجتماع مع موكله لأخذ أقاويله وشرح الحيثيات والوقائع قبل موعد التحقيق أو الجلسات . حتى لا نظلمه بعقوبة غير عادلة .. والله من وراء القصد