• ×

قائمة

Rss قاريء

نظرية عن نشوء القمر

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
من اين جاء القمر وماهو دوره في التطور؟

القمر يتغنى به الشعراء بل وكان على الدوام مصدرا للابهار الى درجة ان العرب القدماء كانوا يعبدونه فهو الاله الاكبر، ولازلنا نرفع الهلال على اعالي مآذننا حتى اليوم. من المثير ان العلماء اكتشفوا حديثا ان قمرنا بالذات بالفعل شئ مميز ويستحق هذا الاعجاب، إذ ان الطريقة التي جاء بها الى الارض نادرة للغاية. مجموعة من الفلكيين الامريكان بقيادة العالمة Nadya Gorlova, توصلوا الى انه من بين 400 شمس توجد واحدة فقط تقدم مؤشرات على انها تملك كوكب يدور حوله قمر من نوع القمر الارضي. هذا الامر له اهمية كبيرة لمستقبل علم الفلك. الشموس الاربعمئة التي اختارها العلماء للتفحص عمرها حوالي 30 مليون سنة وهو نفس عمر شمسنا عندما نشأ قمر ارضنا.

تفسير ظهور القمر له اربع سيناريوهات ممكنة:.

الاول: وهو الموديل الذي يتفق حوله اغلب العلماء، ويسمى Big Splash-modell, or giant impact hypothesis ويقول انه بعد فترة قصيرة من نشوء الارض اصطدمت الارض بكتلة هائلة، من المحتمل ان حجمها يعادل حجم المريخ. الجزء الاكبر من الكتلة اندمج مع الارض، ولكن اجزاء كبيرة من الارض تطايرت شظايا لتعود فيما بعد فتندمج مع بقايا النيزك لينشا القمر. في نفس الوقت تطاير الكثير من الغبار وانتشر في انحاء المجموعة الشمسية. من خلال دراسة هذه الغيمة الغبارية نتمكن من معرفة علامات وجود انفجار مماثل في الشموس الاخرى.

الثاني: يسمى موديل المصيدة، ويقول انه عندما تشكلت المجموعة الشمسية كانت الكواكب تتقاطع مع الكثير من الاجسام الكونية. قسم من هذه الاجسام يمكن ان تقع تحت تأثير جاذبية الكوكب فتغير مدارها وتصبح قمرا. بمعنى اخر، من الممكن ان القمر نشأ في مكان اخر قبل ان يقترب من كوكب اكبر منه ليقع في مصيدة جاذبيته. في مجموعتنا الشمسية يعتقد ان قمري المريخ Phobos, Deimos, كانوا في البدء نيازك جاءت من الحزام الواقع بين المريخ وجوبيتر. كلا القمري، من حيث الحجم والمنظر، يتشابهان مع النيازك اكثر من الاقمار التي نراها حول بقية الكواكب. من غير المعقول ان يكون قمر الارض من الاقمار التي جرى اسرها بهذه الطريقة، إذ ان ذلك يحتاج الى مجموعة من الصدف الغير محتملة، منها ان القمر يجب ان يقترب لمسافة تقرب من 50 الف كيلومتر بسرعة محددة بما يكفي لترك مداره الاصلي والتحول الى مدار جديد حول الارض بدون ان يصطدم معها. كون القمر كبير بالنسبة للارض يجعل هذا السيناريو غير ممكن.

الثالث: موديل الانصهار، ويقول ان القمر ينشأ عن المواد والشظايا التي انفصلت عن الارض في مراحلها المبكرة، من حيث ان الطبقات العليا منها كانت لينة وسهلة الانتزاع. غير ان الجيلوجيين يرفضون هذا الموديل، بسبب ان جبال القمر تحتوي على مياه اقل من مثيلتها على الارض وتتكون من نسب معدنية مختلفة. لو كان القمر من المواد الارضية لكانت تركيبته المعدنية لها النسب ذاتها.

الرابع: موديل الكوكبين المزدوجين، حيث يركز على انه في بعض الحالات تنقسم المواد الاولية التي تتشكل منها الكواكب الى مجموعتين غير متساويتين، فينشا من الاولى الكوكب ومن الثانية القمر. الفلكيين يعتقدون ان اقمار جوبيتر تشكلت انطلاقا من هذا المبدأ. غير ان المشكلة ان الطبقات العليا للقمر لاتحتوي على الحديد بكميات كافية كما كان يفترض إذا كان الموديل صحيحاً.

اذا نظرنا الى الموديل الاول، نجد انه ليس من الغريب ان يتقاطع مدار هذا الجسم مع مدار الارض، ففي ذلك الزمن كانت المنطقة الداخلية من المجموعة الشمسية ممتلئة بالقطع من مختلف الاحجام والتي تشكل بقايا نشوء الكواكب. حسب الموديل، نشأ القمر بسرعة كبيرة بالمقاييس الكونية، اذا احتاج الى اقل من مئة عام فقط. عند اصطدام الجسم الكوني بالارض غطس الجزء الاكبر منه في الارض وانتقلت معادنه الى الطبقات السطحية للارض. إنطلاقا من معطيات دراسة الغبار المنطلق عن الارض بسبب هذا الاصطدام يقوم اليوم التليسكوب الكوني سبيتزر Spitzer, بالبحث عن موجات بطول الموجات الصادرة عن السحابة الغبارية المذكورة. عند حدود هذه الاطوال (180-3 ميلليمتر) من الممكن ان تكون درجة حرارة الاجسام الكونية منخفضة الى درجة لاتتمكن معها من ارسال ضوء عادي. بفضل هذا التليسكوب، وهذه المقارنة للمعطيات، تمكنا من العثور على الكوكب الوحيد الذي يملك سحابة غبارية من بين 400 نجماً.

ملاحظات الفلكيين اظهرت ان نشوء الكوكب، في الحالات العادية، يصبح تاما بعد 30 مليون سنة من نشوء النجم. الكواكب الحجرية، تماما مثل قمرنا، تنشأ من التحام القطع الحجرية المتناثرة من مختلف الاحجام، وهذه العملية تحرر كمية كبيرة من الغبار. حتى الان كان العلماء يعتقدون ان هذه العملية جرت قبل مابين 10-50 مليون سنة من بعد نشوء النجم. الحسابات الحديثة اظهرت ان هذه العملية تُنجز بعد 30 مليون سنة من نشوء النجم.

القمر الذي يدور حول ارضنا يعتبر كبير بالنسبة للارض. قطر القمر اصغر من قطر الارض بأربعة مرات. يمكننا مقارنة هذا الامر مع القمر غانياميد Ganymedes, وقطره اصغر 27 مرة من قطر الكوكب الام الذي يحوم حوله: جوبيتر.

كبر القمر يجعل تأثيره على الارض محسوس بالمقارنة بتأثير بقية الاقمار على كواكبها. من المحتمل ان يكون قمرنا هو المسؤول عن قدرة الكائنات الحية على التطور على الارض. احد اوضح التأثيرات التي يمارسها القمر على ارضنا هي قوة المد والجزر. بفضل هذه الظاهرة تنشا بيئة بيلوجية تخضع الحياة فيها كلياً لتواتر المد والجزر. هذا الانتقال بين بيئتين بيلوجيتين يمكن ان يكون هو القوة الدافعة التي حثت على انتشار الحياة من البحر الى اليابسة، حيث ان الكائنات الحية التي ينجلي عنها الماء تضطر الى النضال والتلائم مع بيئة غريبة. الكائنات التي بدأت بإستعمار اليابسة كانت الاساس لنشوء انظمة بيلوجية متقدمة ومنها الانسان، مما يعني انه من المحتمل ان الانسان ماكان سيظهر لولا القمر.

القمر كان ولازال يملك اهمية استثنائية للعلاقة الجيلوجية مع الارض. جاذبية القمر تؤثر ليس فقط على مياه البحار ولكن، وبدرجات اقل، تؤثر ايضا على قشرة الارض. في الفترات المبكرة كانت المسافة بين الارض والقمر اقل بكثير عما هو عليه الامر اليوم، وبالتالي فقوة المد والجزر كانت اكبر. هذا الامر ادى الى ضغط على قشرة الارض بمايعادل كيلومتر واحد مما خلق توتر عالي داخل الارض. بالترابط مع الحرارة الداخلية قاموا مع بعض بتحفيز انصهار الارض الفتية، والذي بدوره حفز تلاحم كيماوي للمواد الاساسية وسبب نشوء قشرة الارض ( الرصيف الارضي). من خلال الرصيف الارضي ومايحتويه على مواد نشأت دورة التبادل التي تملك اهمية كبيرة لتطور حركة القارات.

لهذه الاسباب يعتقد العديد من علماء الفضاء ان الكواكب التي تشبه الارض والموجودة في مجموعات شمسية بعيدة لن تكون ابدا بهذا الغنى والتنوع كما هو الحال مع الارض، لكون تلك الكواكب لاتملك قمر. لهذا السبب ايضا من المشكوك فيه ان يملكوا فصولا مستقرة كما هو الحال لدى الارض. اغلب المختصين بالكواكب يشيرون الى ان انحراف محور الارض بمقدار 23،5 درجة هو نتيجة من نتائج الاصطدام مع القمر، وان حجم القمر هو الذي جعل هذا الانحراف يستقر. بدون هذا الاستقرار ستكون قوانين الحياة مختلفةتماما، إذ ان التواتر في الانحراف سيؤدي الى تغييرات بيئية كبيرة، كما هو الامر على مع المريخ، حيث يتواتر الانحراف من 60 درجة الى 90 درجة. الانحراف المعتدل للارض يعني ان التمايز في حرارة القطب والاستواء يعطينا مجموعة من المناطق الحرارية، وبالتالي العديد من الخيارات التي تسمح بنشوء مناطق إكالوجية متخصصة تسمح للمزيد من الانواع بالنشوء.

وجود المعادن في الطبقات العليا من الارض هز احد تأثيرات القمر المستورة. منذ التحليلات الاولى للنماذج المأخوذة من تربة القمر والعلماء يتسألون بحيرة: لماذا يوجد الكثير من المعادن في القواعد الجبلية بالمقارنة مع القمر؟ إذا كانت الارض منصهرة كما يعتقد العلماء فيجب ان تكون المعادن قد تراكمت في النواة وبقيت هناك. بهذا الشكل يفترض ان قشرة الارض ستحتوي على نفس كمية المعادن الموجودة في قشرة القمر.

لتوضيح هذا الامر، لابد انه بعد الاصطدام الذي خلق القمر تطايرت شظايا كبيرة من القسم التالي لقشرة الارض مباشرة والتحمت فيما بعد بالجسم الذي بقي من الجسم المصطدم. بمعنى اخر فإن قوة الاصطدام فصلت نواة الجسم المصطدم الثقيلة ولفظته في الارض في منطقة السطح. المعادن في هذه المنطقة تحركت وارتفعت بفضل حركة الارصفة الارضية عبر ملايين السنين لتصبح مركزة في عروق، وهي التي نستخرجها.

الخدمة الاخرى التي يقدمها القمر هو وقوفه كترس ضد النيازك الساقطة. جاذبيته تحرف النيازك المتوجهة الى الارض بحيث ان الكوارث لاتحدث بكثرة تزيد عن قدرة الكائنات الحية على استعادة انفاسها.

من هذه المعطيات نرى ان الحياة كان سيكون لها شكلا اخر لو لم يكن القمر موجودا. وهذه المعرفة سيمكن استغلالها لتحديد الاولويات عند البحث عن كوكب مشابه لكوكبنا، خصوصا عندما سيصبح لدينا تكنيكا اكثر تطورا قادر على تحديد ليس الكواكب فقط بل والاقمار...

بواسطة : DimAdmin
 1  0  14.7K

التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    7 أبريل 2010 11:59 صباحًا فرسان جازان :
    الله يعطيكم العافية

جديد المقالات

بواسطة : فاطمه احمد

في زحام الحياة، نجدنا محاطين بعدد هائل من...


بواسطة : محمود النشيط إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي

يجهل بعض من عامة الناس، والسياح في بعض الدول...


القوالب التكميلية للمقالات