• ×

قائمة

Rss قاريء

*وداعاً يا أروع من عرفت

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

أميمة عبد العزيز زاهد

غيّبك الموت يا صديقتي الحبيبة، وصوتك الواهن لا يزال يرنّ في أذنيّ، بعدما تسلل الألم خلسة لجسدك، وظلت نظراتك الصامتة تخبرني بأن الرحلة أوشكت على الانتهاء، ورغم ذلك تغلبت ابتسامتك المطمئنة على معاناتك، وكان الرضا ينطق في كل خلجة من خلجاتك، وكأنك كنتِ تمنحين أحبتك جرعات من القوة والصبر؛ لتحمّل فراقك، وتحقق ما كنت تنشدين من الراحة، وفاضت روحك إلى خالقها. رحلتِ فسكن الحزن جذوري، ونزفت الدموع من أعماقي، ولكن ماذا أملك أمام إرادة الله الذي لا راد لقضائه ولا معقب على حكمه؟! هكذا طبيعة الحياة؛ تظل تغيّر من ملامحنا عندما تضغط على عواطفنا وتؤلم مشاعرنا، حين تفاجئنا بنبأ فقد الأحبة.. نعم إنه الموت.. الحقيقة الوحيدة في حياتنا، وهو الفراق الذي لم يمنحنا ولم يمهلنا حتى نستكمل حوارنا أو نتعانق أو نتعاتب أو نتسامح، ولكن من قال إن من رحل عنا يغيب برحيله عن الحياة؟ إنه رحيل جسد فقط.

صديقتي الراحلة.. يغلفني شعور بالألم ويغمرني إحساس بالحزن... إنه حزن مختلف، فلا توجد في قاموسي عبارات يمكنها أن تصف ألم الفراق، فمكانتك كبيرة في ذاتي، وارتباطي بك نفسي وروحي ومعنوي، وهبك الله قلباً حنوناً ومشاعر رقيقة، تفيضين عطاءً وحباً للخير للغير.. إنسانة راقية في تعاملك لنا، بصمات ووقفات ومواقف وأحداث رائعة عشناها معاً، فكم أهديتني فرحاً حين أدمنت الحزن، وكم منحتك راحة حين صادقك التعب، كم بكينا وتألمنا وضحكنا معاً، كم اختلفنا وتخاصمنا وتباعدنا وعدنا واقتربنا وتصافينا بقلب معاتب ومحب، كم وكم من السنوات الجميلة التي أمضيناها معاً.. فماذا عساي أن أقول أيتها العزيزة الغائبة عن الوجود، والحاضرة بروحك في حياتي؟! فأنت تعيشين في وجداني، ولا أزال أشاركك خواطري وأفكاري، ويطوف طيفك أمامي، وتأتيني لحظات لا أصدق أنك لستِ في عالمي، فأرغب بالاتصال بك، ولكن أعود مرة أخرى للواقع، وأهمس لنفسي وأصبّرها بأنك هناك؛ في عالم أرقى وأنقى من عالمنا، فأنت هناك في ذمة الله سبحانه.

وداعاً يا أروع من عرفت.. ستبقى ذكراك العطرة في قلبي، فما رحل سوى جسدك، ولكن أفعالك وأقوالك باقية في أعماقي، ومخزون ذكرياتي مليء بأجمل المواقف التي ستظل تلازمني، ولتسكني دارك الجديدة في دار الحق، الذي لا يعلم سوى الله متى سأجاورك فيها.

استودعتك عند الله، وأسأله سبحانه وتعالى أن يكرمك ويشملك بعنايته ورحمته، ويسامحك ويغفر لك ويعفو عنك ويسكنك فسيح جناته، وليس لي إلا أن أقول: «لله ما أعطى، وله ما أخذ، وإنا لله وإنا إليه راجعون»

بواسطة : الأستاذة أميمة زاهد
 0  0  474

التعليقات ( 0 )

جديد المقالات

بواسطة : فاطمه احمد

في زحام الحياة، نجدنا محاطين بعدد هائل من...


بواسطة : محمود النشيط إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي

يجهل بعض من عامة الناس، والسياح في بعض الدول...


القوالب التكميلية للمقالات