نحن نعيش حاليا فى عصر التقنية الحديثة كمدخلات للحضارة الغربية وتأثر بالتالى على هويتنا وثقافتنا العربية بشكل سلبى واحيانا ايجابى .
فالان نلاحظ انة لايكاد يخلوا منزل من منازلنا العربية الاوبة ادوات التقنية الحديثة من ( الفضائيات ومحطاتها المتنوعة ، واجهزة التليفزيون ، والمذياع ، واجهزة الكمبيوتر وشبكاتها العنكبوتية الانترنت التى تلتف حول حقول أبنائنا كالاخطبوط ، و اصبح الكبار والصغار يصطحبون معهم اجهزة الاب توب اى الكمبيوتر المحمول فى كل مكان يذهبون الية ، فأصبح جهاز الكمبيوتر المحمول بمثابة الخل الوفى الذى يخالل صاحبة اينما ذهب ، بل اصبح يغنية عن الاهل والخلان بل والزوجة ورفيقة العمر فى مرات عديدة .
وهنا نتوقف وقفة هامة حسب اهمية الموضوع ونتسائل بعض الاسئلة عن مدى خطورة وقوع ابنائنا وبناتنا فى شراك الشبكة العنكبوتية اى ما يطلق عليها شبكة الانترنت ؟
هل الجلوس لساعات طوال للتعامل مع شبكة الانترنت يعد سلوكا ادمانيا ؟ واذا افترضنا انة سلوكا ادمانيا ، فما هو اضرار الادمان على الانترنت ؟ واذا تبينا ان هناك اعتماد وسؤ استخدام من استخدام الانترنت بأفرات ،فما هى سبل العلاج منة ؟
وللاجابة على هذة التساؤلات : نبدأ اولا بتعريف ما هو ادمان الانترنت ؟ وما هى اشكال الادمانات المتعدده ؟
فالادمان ككليمة تشير هنا بمعنى شكل من اشكال فقد السيطرة على السلوك ، مما يعجز امامة المرء عن ايقاف هذا السلوك غير المرغوب ، بالرغم من عوقب هذا السلوك على الفرد من حيث القلق والتوتر وتغير المزاج للاسوء وغيرها من اعراض الانسحاب سواء على المستوى النفسى او البدنى او الاجتماعى .
واذا ما نظرنا نظرة فاحصة وجادة على الاشكال المتنوعة من الادمان (غير الخطرة ) نجد منها : ادمان العمل ، ادمان التسوق وهوس الشراء ، ادمان حب المخاطرة سواء بالرياضات الخطرة كدرجات البوخارية والتزحلق على الجليد فى اماكن خطر وغيرها من ادمانات الخطر ، وادمان الطعام ، وادمان التدريبات البدنية ، ادمان المضاربة فى الاوراق المالية ، ادمان الموراهنات والمقامرة ، وادمان شاشة جهاز الكمبيوتر ومواقع الانترنت .
فأننا سنجد أناسا لايفشلون فحسب فى الوصول الى امكاناتهم وانما يعانون فى سبيل ذلك معاناه شديدة وقاسية ، ولكن نظرا لان المخدر الذى يتعاطاة اصحاب تلك الاشكال من الادمانات يعد مقبولا من الناحية الاجتماعية ، فأن الامر لايشكل ضغوطا ملحة على اولئك المدمنين تستوجب مساعدتهم من وجهة نظرهم هم فقط وهذا هو شدة الخطر الذى يلحق بهم ويجعلهم فيما بعد متورطين فى ادمان تلك السلوكيات وما تنعكس عليهم من سلبيات فى سبيل تماديهم فى تلك الاشكال المتعددة من الادمانات المقبولة اجتماعيا .
ونحاول الان استعراض شكل من اشكال السلوك الادمانى الذى ينتشر حاليا كظاهرة خطيرة فى مجتمعاتنا العربية ، الاوهو الادمان على الانترنت :
ان الشخص الذى يستعمل الانترنت فى بداية الامر قد يكتفى بساعة او ازيد قليلا ، وهذا فى البداية ويصاحب ذلك الشعور بالمتعة والغبطة فى بادىء الامر ومع تكرار محاولات الاستعمال واكتشاف المواقع المختليفة والمتنوعة والانفتاح على العالم الخارجى باسرة واكتشاف ما يدور بة والاطلاع على ثقافات واجناس مختليفة يبداء التحول من حب الاستطلاع والفضول الى تولد لدى المستعمل شعور ملح بالحاجة الى المزيد والمزيد وفقد القدرة على السيطرة وعدم التحكم فى التوقف على حب الاستطلاع والفضول املا فى الوصول الى نفس المتعة السابقة والشعور بالراحة والحالة المزاجية المنبسطة التى كان يحققها فى بداية تعاملة مع الانترنت ، ويجد المستعمل نفسة اذا توقف عن الدخول الى شبكة الانترنت فى حالة من الاعراض الانسحابية ويعانى من القلق والتوتر وحدة المزاج والعصبية الزائدة واحيانا اخرى الخمول وقلة النشاط ناهيك عن الانسحاب الاجتماعى وتقطع التواصل الاجتماعى .
واذا تاملنا ما سبق نجد ان الادمان على الانترنت يمر بنفس مراحل الادمان على المخدرات ، بل ايضا يمر المستعمل باعراض الانسحاب كما يمر بها المدمن على المخدرات وان اختلفت من حيث شدة الاعراض بالبدنية اما الاعراض النفسية والحنين النفسى للادمان يتشابة لحد كبير .
لذا نجد ان الانسياق للجلوس بالساعات الطوال امام شاشة الكمبيوتر والاستخدام غير المحدد لشبكة الانترنت ، او لعب الفيديو جيم ، انما يعد من أخطر السلوكيات على ابنائنا من الناحية الصحية ، والنفسية ، وايضا الاجتماعية
ويؤثر بالسلب على هوية وانتماء شبابنا تجاة قوميتهم وعروبتهم .
حيث أشارت العديد من الدراسات ان العاب الفيديو جيم بصفة خاصة تعد من اخطر الاشياء على صحة الانسان خاصة الاطفال اذا طالت فترة استخدامها ، وهى ايضا يمكن ان تسبب نوعا من الادمان فالانسان يشعر من خلال ممارستها بنوع من الهروب وشغل الذهن عما يدرو بذهنة اساسا ويشغلة ، وبالتالى فهناك رد فعل منعكس شرطى يتولد لدى الانسان ، ويربطة باستخدام هذة الالعاب ، وعلى الرغم من ان مثل هذة الالعاب قد ترفع من مستوى ذكاء الطفل وتمتعة ، الاانها اذا اسىء استخدامها وطالت مدة الجلوس امامها ، فأن الانسان يقوم من امامها منهك القوى ، مستنفذ طاقتة ، ولدية احساس بالتعب ، وربما يشعر ببعض من الاعراض الجسمية مثل الدوخة او الصداع او فقد التواذن .
وفى عام 1997 تم رصد أكبر عدد من الحالات التى أضيرت من خلال هذة الالعاب فى اليابان ، فقد اصيب ما يقرب من سبعمائة من الاطفال ، وهرع بهم اهليهم الى المستشفيات وهم يعانون من نوع من الصرع الذى يأتى نتيجة لمنبة بصرى ، وذلك لتعرضهم للفلاشات المتلاحقة من الضوء عند ممارستهم للعبة " البوكيمان " فى الفيديو جيم ، والتى نزلت الى الاسواق انذاك .
وكانت نوبات الصرع وبعض المضاعفات الجانبية الاخرى حافزا لان يصاحب كل لعبة جديدة من العاب " فيديو جيم " تحذير بالايجلس امامها المستخدم لمدة طويلة .
وقد اشتكى بعض الاباء من ان جلوس ابنائهم امام بعض هذة الالعاب لمدة 15- 30 دقيقة ، يحدث لهم نوعا من الدوار والغثيان نتيجة للحركة السريعة على الشاشة التى تؤثر على التواذن البصرى .
وقد قامت جمعية الاطباء النفسيين الامريكية بنشر دراسة اجريت على 500 من مستعملى الانترنت بافراط ، كانت تصرفاتهم تقارن بالاعراض المعروفة فى تشخيص الادمان على المقامرة واعتمادا على الاعراض فأن 80% من الذين شاركوا فى هذة الدراسة والذين تم تصنيفهم على انهم انترنت مستعملين ، اظهروا ادمانا واضحا فى سلوكهم النمطى وكانت النتيجة النهائية التى توصلت اليها هذة الدراسة " ان استعمال الانترنت بافراط يؤدى بصورة مؤكدة الى تدمير الحياة الاكاديمية والاجتماعية والمالية والمهنية بالطريقة نفسها التى تقوم بها اشكال الادمان الاخرى الموثقة بصورة جيدة مثل المقامرة والكحول والمخدرات " .
واذا استعرضنا الاسباب التى تدفع بمستعمل الانترنت الى الوقوع فى براثن الادمان على الانترنت سنجد بعضا منها تمثل فى :
عدم القدرة على كيفية التعامل مع الضغوط الحياتية اليومية ، عدم القدرة على مواجهة المشكلات ، عدم القدرة على شغل وقت الفراغ بهوايات متنوعة ، عدم القدرة على اقامت علاقات اجتماعية جيدة بسبب الخجل او الانطواء ، الشعور بالخواء النفسى والوحدة ، الهروب من الواقع بضرب من الخيال فى علاقات تفتقد فيها الحميمية مع الاخر ، وتجنب مواجهة الاخر وجها لوجة سواء كان الاخر الاسرة او الزوجة ، المعاناة من بعض الاضطرابات النفسية المتمثلة فى الاكتئاب ، القلق ، اضطرابات النوم ، التلعثم ، الرهاب الاجتماعى ...... وغيرها من الاضطرابات والامراض النفسية والهروب من مداوتها على يد متخصصين ، الافيقاد الى الحب والبحث عنة من خلال النت ، الاغتراب النفسى ، الهروب من الواقع وما يحيط بة من اعراف وتقاليد وقوانين منظمة تفرض ضروبا من القيود على الافعال والكلام مما يدفع الشخص الى الانفصال عن خلجاتة ونفسة والدخول فى شخصية اخرى من ضرب خيالة ( تناقض وجدانى) يعمل على عدم نضج الشخص ويعوق نموة النفسى ،وغيرها من المسببات التى تدفع بالفرد الى الادمان على الانترنت .
هذا وقد بينت الدراسات النفسية ان اكثر الافراد تعرضا لخطر الاصابة بمرض ادمان الانترنت ، هم الافراد الذين يعانون من العزلة الاجتماعية ، والفشل فى اقامة علاقات انسانية طبيعية مع الاخرين والذين يعانون من مخاوف غامضة اوقلة احترام الذات ، الذين يخافون من ان يكونوا عرضة للاستهزاء او السخرية من قبل الاخرين ، هؤلاء هم اكثر الناس تعرضا للاصابة بهذا المرض ، وذلك لان العالم الالكترونى قدم لهم مجالا واسعا لتفريغ مخاوفهم وقلقهم واقامة علاقات غامضة مع الاخرين تخلق لهم نوعا من الالفة المزيفة فيصبح هذا العالم الجديد الملاذ الامن لهم من خشونة وقسوة عالم الحقيقة ، كما يعتقدون حتى يتحول عالمهم هذا الى كابوس يهدد حياتهم الاجتماعية والشخصية للخطر .
- سبل الوقاية والخروج من الادمان على الانترنت :-
هناك بعض من المهارات المعرفية السلوكية التى تمكن الفرد من كسر قيود السلوك الادمانى والتحرر منة من خلال :
- على الفرد ان يحرر نفسة من النمطية فى حياتة وعلية ان يخلق لنفسة بعض الانشطة والهوايات لخلق تناغم فى اسلوب حياتة
- على الفرد ان يدرب نفسة على اسلوب حياة صحى ، فلة مواعيد للنوم والاستيقاظ ، مواعيد لتناول الوجبات دون اسقاط بعض الوجبات .
- تعلم المزيد والمزيد من المهارات المختلفة : لغة اجنبية ، رسم ، عزف على الة موسيقية ، تعلم حرفة من الحرف ، او ان يقوم بتعليم الاخرين مهارة يمتلكها ، الاشتراك فى الاعمال الخيرية او التطوعية ، او الانشطة الاجتماعية من خلال منظمات وجمعيات المجتمع الاهلى .
- ان يقوم الفرد بممارسة بعض التمرينات والتدريبات الرياضية ، فى الهواء الطلق ويفضل فى وسط مجموعة من الاخرين او مع الاصدقاء او احد افراد الاسرة .
- ان يخطط الفرد لممارسة مجموعة من الانشطة المشتركة مع الاصدقاء او افراد الاسرة ، مثل التخطيط لرحلة ، او زيارة الاقرباء المحببين الى قلبة او بعض الاصدقاء .
- ان يخطط الفرد لخلق نسيج اجتماعى من العلاقات مع الاخرين ويدعم العلاقة مع الاخر بشكل يوثرى الفرد ويخرجة من عزلتة .
- ان يقاوم فكرة الجلوس امام شاشة الكمبيوتر بكل عزم وقوة لخلق ارادة قوية واعية من خلال الالهاء السلوكى والذهنى فعندما يشعر الفرد بحاجة ملحة للجلوس امام شاشة الكمبيوتر يقوم ببعض من الاعمال والانشطة اليدوية المختلفة مثل تنظيف المنزل ، اجراء محادثة تليفونية مع شخص مقرب ، اعداد اعمال مؤجلة للغد ، الوضوء والصلاة وقراءة القرأن الكريم والدعاء ، اعداد وجبة غذائية متكاملة لنفسك ولافراد اسرتك .
- ان يقوم الفرد بعملية غزو تعليمى معرفى ، اى يقراء عن ادمان الانترنت ومدى خطورتة ، بغرض تغيير معتقداتة الخاطئة وتصحيحها .
- ان يتعلم الفرد ان يدرب نفسة على مهارات الاسترخاء البدنى والذهنى ، وممارسة رياضة التأمل لراحة الجهاز العصبى وتجديد الطاقة البدنية والذهنية .
- يفضل فى النهاية ان يستعين مريض الادمان على الانترنت طلب المساعدة من الاختصاصى النفسى المدرب على علاج الادمان لمساعدة المريض على الخروج من براثن الادمان والعودة للتعافى منة من خلال البرامج العلاجية المتنوعة وبرامج العلاج الجمعى ومنع الانتكاسة والتأهيل للعودة مرة اخرى معافى من السلوك السلبى .