أميمة عبد العزيز زاهد
مع الأسف، إن مسلسل ضرب الزوجات مازال مستمراً، ولا أتصور أن بالإمكان حصر عدد الزوجات اللاتي يتعرضن لهذا الفعل المشين ولهذا العنف نظراً لصمتهن، إما خوفاً من الطلاق ومنعاً لتعريض حياة أبنائهن للتشرد، أو خجلاً من كشف المستور، تشتكي زوجة بكل ألم وتقول: لقد بدأت تظهر على زوجي صفات الوحشية بعد زواج لم يكمل شهراً، لم أسمع فيه كلمة حب أو لمسة حنان، تقوده سلطته وكبرياؤه وسيادته، وتعميه رغبته المجنونة لامتهان كرامتي وهدر كبريائي وأنوثتي؛ فالضرب هو لغة التفاهم بيننا، ودوماً يده تسبق كلماته، تحملت وصبرت في البداية لأني أحببته وعشت على أمل أن يتغير، ولكن بقي كما هو، وأنا من تغيرت للأسوأ بعد أن زرع بداخلي أضراراً نفسية لا يمكن أن أتغلب عليها، ووصلت لمرحلة بدأت أحتقر فيها نفسي وكرهت حياتي معه؛ فأنا في نظره «جماد»، لست بزوجة أو أماً أو حتى إنسانة، كم حاولت أن أثنيه عن هذه التصرفات بالعقل وإقناعه بالمنطق بما أحس به، وكيف تؤثر همجيته على آدميتي، لم يفهم يوماً ما معنى المودة والسكن والرحمة، ولكنه رافض أن يستجيب لندائي إلا بالتهكم والسخرية، كل همه الوصول إلى ما يريد بأي طريقة، ويحقق ما يصبو إليه بأي أسلوب ويلقي برغباته واحتياجاته وحتى قراراته كأمر لا أملك معه إلا طاعته خوفاً منه، وليس حباً فيه، حاولت أن أسمعه ما يسعده، وأنا جرحي النفسي أقوى من الجسدي، ولكن كيف أشعره بسعادتي وهو يسعد لعذابي وينتعش لبكائي؟ أصبح مدمناً في عنفه وعدم تفهمه وإصراره على ذلي؛ مما دفعني إلى النفور من مشاعره المريضة، وظللت أعاني بصمت من ضغط سيطرته الكاملة.
أصبحت كلما رأيته لا ألمح سوى دليل عجزي ويأسي ودليل إفلاسي؛ فأنا مطالبة بالصبر والتحمل لاعتبارات كثيرة، أهمها أنه ليس هناك مكان يؤويني أنا وأطفالي، وبت أتناسى ألمي الجسدي والنفسي عندما أراه ينهمر بالضرب على أطفالي؛ فصراخ كل واحد منهم أشعر به كأنه طعنة سكين تقطع أوصالي، أطفالي الذين يصابون بنوبات هستيرية بمجرد دخوله للمنزل؛ خوفاً وجزعاً منه، وهو لا يزال أعمى البصيرة عن مدى الكره الذي زرعه داخل نفوسهم، ولا أعرف كيف سيتخلص أبنائي من شعور الخوف والعنف؟ وكيف سيكون مستقبلهم وهم يعيشون حياة غير طبيعية تظهر آثارها بوضوح على وجوههم وتصرفاتهم ومعاملتهم.
ولكن تبقى تساؤلاتي الحائرة؟ هل مثل هذا الزوج وبما يمتلكه من قسوة وجبروت تؤذي مشاعري وآدميتى، يكون سبب عذابي في حياتي وآخرتي؟ إن الزواج مسؤولية عظيمة تحتاج إلى تحكيم الدين والعقل ومراعاة الله؛ فهل من مجيب؟ فقد قال تعالى فى محكم كتابه: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون» صدق الله العظيم .