عيده باتيس - الرياض
وثلّة من الناس، تقتات بلذة الإستهزاء والانتقاد المُشين زاداً لها.
فكلما استطعمت ما لا يعجب كرم ذائقتها، تبدأ بتقديم الانتقاد السلبي على طبق من تنقيص الذات.
فتشعر حينها بالإستمتاع، ويكأنها أنجزت أجلَّ الأمور وأخيرها.
نعم!
هو ما اعتدنا عليه في بعض مجتمعاتنا تحت ظاهرة "التعييب".
والتعييب هو مصدر عَيَّبَ.
وعندما نقول عيَّب*فلانًا: أي جعله ذا*عيبٍ ومَنْقصةٍ بإظهار مساوئه، نسبه إلى العيب.*
فتراهم ينقبون عن أي شائبة حول شخص ما،
باعتباره أقلّهم مكانة أو جاه أو منصب أو خُلُق أو أيا ما يفتقر إليه. بل ويصل بهم الأمر إلى إعابة خِلقته وهي من صنعة الله في عبده.
فلا يهدأ لهم بال ويضيق بهم الحال، مالم يزاولوا متعتهم شبه اليومية لإرضاء فسيولوجيتهم الشائنة.
كما قيل عنهم : "لا يعجبهم عجب ولا الصيام في رجب".
بل من المؤسف وعلى صعيد النرجسة، قد يصومون رجب ويعجبهم كل عجب!
ولكن قد يكون الشخص الذي أمامهم أفضل منهم ومن الصعب أن يرتقوا بمستواه، فيعيبوا أمره وينتقصوا قدره.
وما بين هذا وذاك،
ولو وضعناهم في إناء لنستخلص إيجابياتهم، لفاضت عيوبهم مكتظةً متمثلةً بفعلتهم هذه.
فلا تكن بمن حولك (مُعيِّبُ) فأنت لمن حولك (مُعيَّبُ).
وتفكروا بأمر الابتلاء كما قال الحسن البصري:
أدركت أقواماً لم تكن لهم عيوب
فتكلموا في عيوب الناس فأحدث اللّه لهم عيوباً....*
وأدركت أقواماً كانت لهم عيوب
فسكتوا عن عيوب الناس فستر اللّه عيوبهم...