عبدالرب اليزيدي
عظة أعظ بها نفسي قبل الآخرين ، وكتبتها هنا عسى أن ينتفع بها من يقرأها ممن هو مثلي أو يتذكر بسببها غافل ، أو يتنبه بها ساهي أو لاهي أو مساوف أو جاهل أو حتى متعلم ، أو يتأملها عابد أو عالم .
عظة تخرج من جوف الصدر ومن بين الضلوع بحرقة ألم ونسمة أمل ، وبجناحي خوف ورجاء ، مسرعة تفر من الله سبحانه وتعالى وتهرول إليه جل شأنه .
اعلم إننا نعبر الدنيا كعبور السحاب ،وأن المآل إلى الفناء ، فلن تبكي عليك السماء ولن تفتقدك الأرض ، ولن تكسف الشمس لموتك ولن يخسف القمر ، ولن تتوقف الحياة بعدك ، ولن ينتهي العالم بنهايتك ، ( عجبا لابن آدم كيف يتكبر أوله نطفة مذرة ، وآخره جيفة قذرة ، وما بينهما يحمل العذرة ) .
أخي لتصلح حالك مع ربك ، ولتترك الناس فلن ينفعوك ولن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك أو عليك ، وإياك والكبر والعجب بالنفس ، فان رأيت نفسك أفضل من هذا أو ذاك فعلم إن ذلك من فضل الله عليك ، ( ذلك فضل الله يأتيه من يشاء ) ، فإياك إياك أن تظلم نفسك - ناهيك عن ظلم الآخرين - بالتكبر والغرور وادعائك أن نعم الله عليك هي بدهائك وحرصك وذكائك - أو لنقل بحيلك أن صح التعبير , ولكن لتعلم أن كل هذه المواهب التي تملكها هي أيضا من الله فحفظها بالشكر وقيدها بالعمل بما يرضي الله .
أخي اعلم أنّك لن تُخلّد في الأرض ، ولن تضمها بسجلك وممتلكاتك وإن سُجّلت باسمك لكنك ستتركها لمن خلفك، فإياك والغرور فشبابك سيتبدل هرماً ، وقوّتك ستتبدل ضعفاً وحياتك فانية ، وفي النهاية ستحمل جثتك على الأكتاف وتدفن وحدك ، فحرص على ما ينفعك في وحشتك ووحدتك .
كلنا مفرطين ، كلنا مقصرين ، وليس منّا من هو معصوم غير من عصمهم الله سبحانه وتعالى من الانبياء ( صلاوات الله وسلامه عليهم ) فيجب علينا أن نتذكر ونعتبر بمن عبر .
نعم أعظ ولكن لا يعني ذلك أنّي أورعكم لله ولا أخشاكم ولكن أذكر نفسي وأذكّركم عسى أن انتفع بكم ويغفر لي بفضل عملكم .
أخي في الله ، خذ نصيحتي وأن وجدتني على غير ما أقول ، فلكل منا صحائف وكتب أسأل الله أن يوتينيها بيميني وإيّاك ، وأن يغفر زلاتنا ويعفوا عن سيئاتنا .
أسال الله لي ولكم صلاح النية وحسن العمل وحسن الختام