سلمان أحمد العيد
رغم الأزمات الاقتصادية العالمية، ونزول أسعار النفط، وحروب منطقتنا ، جاءت ميزانية هذا العام 2016 لترسم الخط المتواصل والكبير في إنفاق الدولة على البنية الأساسية والمشاريع الكبيرة، ولم تكن تلك الأرقام بلا حياة أو مستقبل للوطن والمواطن حيث سخاء الإنفاق قد لا تكون عوائده قريبة وخاصة في بناء الإنسان واستثماره في مجالات المستقبل البعيد .جوانب كثيرة يمكن الحديث عنها في الأمن والسكن والصناعة والتوجه إلى تعدد مصادر الطاقة وغيرها، وهي من أساسيات تطلع الدولة أن تؤمن للأجيال القادمة مستوى الرفاه من ثرواتنا الطبيعية والبشرية، أي أن الحاضر بناء للمستقبل، وهي اعتبارات دخلت حيز التنفيذ من ميزانيات السنوات الماضية، ولعل تزاوج القطاع العام مع الخاص، والتسهيلات والدعم والتخطيط الحكومي لإيجاد بيئة عمل مشترك ودون تعقيدات إدارية أو بيروقراطية، أوجد مجالات مفتوحة للثقة ودعم مسيرة العمل بما يخدم مختلف الشرائح الاجتماعية الوطنية..التوقعات المتشائمة نتيجة قرارات واستنتاجات لمسألة انخفاض أسعار النفط لم تواجهها خطة الميزانية واعتماداتها بلا رؤية بعيدة، وقد أشارت أكثر من جهة عالمية أن المملكة لن تتضرر بالمستوى الذي ستواجهه دول أخرى، وأن احتياطاتها النقدية وفوائض ميزانياتها داعمان أساسيان لميزانية هذا العام..الأمر لا يقتصر على الداخل فالمعونات والقروض والمساعدات الأخرى سجلت أرقاماً كبيرة، بمعنى أن المملكة أهم داعم للعديد لمن شردتهم المجاعات والحروب والكوارث الأخرى وهي جوانب إنسانية جعلت المملكة تحت المراكز المتقدمة باعتراف المنظمات الدولية الراعية لتلك النشاطات..وإذا كان الإنفاق الحكومي كبيراً، فالعائد سيكون بنفس القوة، أي ان الاستمرار بالمشاريع والبنى التحتية الأخرى وعدم التوقف وفقاً للظروف الراهنة يدعم سياسة الدولة ومن ثم تقويم هذه الأوضاع وفقاً للمستجدات التي ستطرأ على صعود أو نزول أسعار النفط في السنوات القادمة..الثقة بالاقتصاد الوطني لا تقوم على مبارزات انفعالية، وإنما على تقديرات دقيقة تضع كل الاحتمالات في مواجهة الطوارئ، وميزانية هذا العام متوازنة بمنطق الواقع وليس فيها شعار المبالغات والتوصيفات التي لا تعترف بمفهوم أن الأرقام ليست للخديعة وإنما لتوظيفات ترفع مستوى الوطن ليشاهدها المراقب والدارس والمملكة اعتادت أن تعتمد الحقائق كهدف وحق قانوني بعيداً عن أي جوانب أخرى لأن المصداقية تنعكس آثارها على من تتعامل معه من دول وشركات وبنوك وصناديق وغيرها، ولذلك لم يكن مصادفة، أن تكون من اقتصادات الدول الناشئة ولتصبح أحد الأعضاء الهامين في نادي العشرين لأهم الدول اقتصادياً..التحديات كبيرة وهي ميزة بلد يواجهها بحقائقه واستراتيجياته دون إغفال للخطأ ومراجعته وهو سلوك من يعتمد الثقة بعمله ومنهجه.*