• ×

قائمة

Rss قاريء

الشتاء الإفتراضي ..

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

أروى الزهراني .. جدة
image

لنصف السنة نتضرّع و نبتهل لأن تهطل السماء ،
و تتضاءل حدة الشمس ، و تتكاثر الغيوم الماطرة ،
بكل ازدراء أحياناً نشتم الطقس و الحرارة
نتوق للشتاء و البرد ،
نشتاق لأن تحفّنا قطرات المطر من كل جهة ،
و حين يُكرمنا الله ،
يلوك البعض حالة من حالات السوداوية المصطنعة ربما ،
فيحول الشتاء لمأتمة ،
و طقوسه كلها تتراوح مابين نحيب و بكاء و استهلاك للانفعالات الرمادية والتي في غير محلها ،
فجأة يصبح البرد كارثة متنقلة يُطالب الشخص النجدة منها من أي أحد ،
وفجأة يصبح الحنين طقس يميز الشتاء
حدّ استهلاك النصوص كلها و المفردات و الانفعالات استهلاك فاشل و ممل ،
عوضاً عن شكر الله ، نُسرف في المغالاة بالايحاءات التي تدور حول استجداء الأحضان و الدفء ،
بدلاً من الاستمتاع بهذه النعمة ، نُفسد الأمر كله بتصرفات حيوانية لاتمتّ للإنسان السويّ بصلة ،
افتراضياً ؛ تتناسل الظواهر المُقززة دائماً
و يتكاثر تباعاً لها أولئك المتطرفين في اتجاه واحد و بكل جهالة لمجرد المحاكاة و الجمهرة ،
و يتنامى الحرص على تسليط الضوء دائما على الجهة المظلمة واستحضار كل مافيها من ألم بطريقة درامية مقززة ،
افتراضياً ؛ الشتاء نافذة للكلمات الفاحشة ،
و الانفعالات التي تخلو تماماً من الحياء ،
لا حياء من الله صاحب هذا النوع من الفرج ،
و لا حياء منا على الأقل نحن الذين نرى هذا الهراء كل الوقت ودون توقف
،
لا أُنكر أهل الهموم الحقيقية ، الحزانى الصابرين ،
كما أنني أحترم النوع من الرمادية المعتدلة ،
و لا أقصد هنا أي انتقاد بقدر ما أنوّه لفئة و ظاهرة ،
و لكننا استنزفنا كل الكلمات السوداء ، و ارتبط مفهوم الشتاء لدينا بالحنين و الحزن ،
حتى أن الأمر في الجهة الأخرى إن لم يكن حُزناً و نحيب ، كان تصرفات مُخجلة و كلمات تابعة لها لا تمت للأدب والذوق بصلة ،
لا نعرف الاعتدال ولا التوسط ،
و لأن أغلب طقوسنا و انفعالاتنا و كلماتنا تكون هنا ، في هذا المكان الافتراضي و بناء عليه تنعكس في واقعنا ، فإنه ينطبق علينا قوله تعالى [ لن يُغيّر الله ما بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم ]
و استناداً على ذلك ؛ فإن كل الممارسات الخاطئة التي نمارسها هنا
جاءت لنا بعكس ما نرجو ،
تعليقاتنا الساخرة عادت علينا ،
ارتداءنا ماليس لنا وضعنا مواضع لا تُحمد عقباها ،
و انتقاد النعم حتى لأجل أن نواكب القطيع ، حرمنا منها
و صيّرتنا ممارساتنا كلها محرومين نستجدي المطر ، البرد ، الصحة ، الأمان ،
وكل هذا كان يوماً موضوعاً لسخرية و زاوية ينتحب منها رماديّ ما ،
كل الذي انتقدناه فقدناه ..
فحُباً بالله ،
اتركوا الشتاء بكل جماله و حنينه و طقوسه و فرجه ؛
لنا نحن الذين نرجو الله كثيراً أن يطل علينا برحمته ،
و ابحثوا عن شيء آخر تنتحبون لأجله وتشوهون معالمه ،
ومن ثم : ربنا لا تؤاخذنا إن أجحف السفهاء منا بعضاً من نعمك علينا ،
ربنا لا تأخذنا باقترافاتهم و هب لنا من لُطفك ما ترجوه أنفسنا و اجعل هذا الشتاء علينا رحمة وَ استكنان .

بواسطة : أروى الزهراني .. جدة
 1  0  475

التعليقات ( 1 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    7 نوفمبر 2015 11:29 صباحًا عبير الأحمد :
    الله عليك أروى أحرف من البرد والثلج تدفى قلبي..!
    جميل ماكتبتيه ،وللأسف هذا مايحصل ونقرا من بعض فئة *المراهقة وياحبذا عدم تداول كلماتهم التى تنعكس عقولهم..
    والله يرحم ويلطف بالجميع

جديد المقالات

بواسطة : فاطمه احمد

في زحام الحياة، نجدنا محاطين بعدد هائل من...


بواسطة : محمود النشيط إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي

يجهل بعض من عامة الناس، والسياح في بعض الدول...


القوالب التكميلية للمقالات