اروى الزهراني . جدة
قبل وقت ليس ببعيد كانت للبيوت أسرار ،
و للناس بين الناس حُرمة وَ حدود ،
و لا يعرف أحد عن الآخر شيئاً أو خبر إلا ما يُعلنه الشخص بنفسه ،
حتى ظهرت وسائل التواصل الإجتماعي وكانت بمثابة نعمة تستحق الشكر و قد أحسن الكثير استخدامها وَ كان لها وقع المعجزة على الكثير ،
وظلت لفترة خيّرة لا شكوى منها ولا ضرر ،
إلى أن تفاقم الوضع في الآونة الأخيرة ، وَ صيّرت هذه المواقع من الأوضاع الشخصية مسرحاً للفُرجة
وَ لم يعد للبيوت أسرار ولا للشخص خصوصية ،
الأمر الذي وصل التضرر منه للحد الذي يبحث فيه البعض عن جهة
تُعنى بالمتضررين من هذه المواقع ،
الكثير يُطالب بفرض عقوبات تجاه مـسيئي استخدام هذه المواقع ،
الجميع لم ينجُ من التضرر فيما يخص [ الواتس آب ]
كونه أحد أشهر مواقع التواصل و أكثرها استخداماً و ضرورة ،
و أحد أشكال الضرر الـ بلا رادع و عقوبة :
زوج يقوم بجمع زوجاته الثلاث في مجموعة واحدة ليخبرهن بموعد زفافه على الزوجة الرابعة ومن ثم تصوير ردودهن و نشرها للجميع على سبيل التفاخر وَ الإستهزاء وَ المداعبة الجارحة ،
والكثير من المقاطع التي يتداولها الجميع رغما عن أصحابها و دون دراية منهم أحياناً ،
كيف نُعيد لهؤلاء كرامتهم التي أُهدرت لأجل إضحاك الآخرين ؟
لمن يلجأ المتضرر ؟
هل هناك جهة مسؤولة يخشاها من يحاول لو لمجرد محاولة أن يقتحم خصوصية أحد ، أو ينشر شيئا عن أحد دون موافقته ؟
نحتاج أولاً لعقوبة ثم لتوعية قوية مُلحّة لأن الأمر يُشكل ضرراً وَ وصل لأبعاد غير محمودة ،
تتوق أنفسنا لقليل من الخصوصية ،
نحتاج أن نُربّي في عقول الأجيال ثقافة الخصوصية و نعود لثقافة للبيوت أسرار و للناس على الناس حُرمة و حدود ،
نعرف كل شيء عن بعضنا رغماً عن بعضنا ،
لم يعد هنالك شيء نستطيع إخفاءه على سبيل التفرّد ،
لم يعد هناك أمان تجاه أحد ،
نخاف أن نتحدث فيوثّق حديثنا صوتا و صورة ويُتداول كتسلية في المجالس ،
أسأنا التصرف و تمادى البعض ،
من أعطانا الحق لتصوير اليتيم و الطفل المعاق و المرأة الضعيفة والرجل المتعفف الفقير ؟
من أين لنا كل هذه القسوة لنستغل نفوذ أجهزتنا و ضعف هؤلاء ونتداولها ونتسابق على نشرها ؟
على المكشوف هم وبلا رغبة منهم ،
و على المكشوف نحن و بقية القطيع و بسذاجة منا ،
فهلاّ نسترهم حُباً بالله !
هلاّ صارت حياتنا لو لمرة مُخبأة مستورة محجوبة إلاّ ما نُظهره منا بكل عقلانية وَ منطق ؟