د. خليل الحيدري - جامعة أم القرى
حدث سقوط الرافعة في بلد الله الحرام... كان بقضاء الله وقدره ، قدّره أرحم الراحمين ، في البلدة التي يحبها ويعظمها ، في البلدة التي جعلها منطلق الوحي ، وقد أراد لهذا الحدث أن يقع عند بيته المحرم.. وهو الذي لا يسأل عما يفعل.
أعمال التوسعة كانت غاية في الإتقان والتميز ، ووسائل السلامة كانت على أعلى المستويات .
أحد زملائنا في الجامعة ينقل عن صديق له في لجنة السلامة بأنهم طلبوا إنزال الرافعات استعدادا للحج ، فقدمت الشركة المسؤولة عن بناء الرافعة تقريرا عن جودة تركيب الرافعة ومتانة بنائها فضلا عما دونها.
الرافعة سقطت بسبب العواصف الرعدية العالية، والريح العاتية التي اقتلعت الأشجار من جذورها مع قربها من الأرض ، فكيف برافعة تمتد في السماء لعشرات الأمتار.
وقد كانت ولا زالت الرافعات قائمة على أصولها بإذن الله طيلة سنوات التوسعة ، مع ما مر بها من عوامل التعرية كالرياح والمطر وغير ذلك .
الكوارث تقع في بلدان العالم كلها ، سقوط أبنية شاهقة ، حرائق كبيرة ، فيضانات مخيفة ، زلازل مروعة ، وغير ذلك ، ولم نر الإعلام العالمي يتهم تلك الدول بالتقصير ، لعلمه بأن قدرات البشر ورقي مؤسساتها محدودة مهما كانت متانتها . .
لقد كان مستوى المطر والريح فوق توقعات البشر فليس بغريب أن يحدث مثل هذا.
استغل الأعداء والمتربصون هذا الحدث وأصطادوا في الماء العكر ، وسلقوا بلادنا ورجالاتها ومؤسساتها بألسنة حداد.
ووالله الذي لا إله إلا هو - شهادة أعلنها وأنا أحد سكان مكة المكرمة حرسها الله وأستاذ جامعي في أم القرى - أن خدمة الحرمين فاقت الوصف تخطيطا وتنفيذا ومراعاة لوسائل السلامة فيما أحسب.. حرصا على العاملين بله ضيوف الرحمن.
والسؤال : متى كان العدو منصفا في حكمه ، ومتى كان الخائن المتربص حريصا على أرواح الناس ، وهو الذي يقتلها في ليله ونهاره مستخدما كل أنواع الأسلحة ، حتى المحرم منها ، ثم يتباكى على حجاج وزوار نحسب أن الله اتخذهم شهداء في مكان يحبه وزمان يحبه وبالطريقة التي يريدها سبحانه - طريقتي الهدم والغرق - ولعل الله حقق فيهم قوله سبحانه '' ... ويتخذ منكم شهداء... ''
وعلى هذا فلتخرس ألسنة الحساد والمتربصين المصطادين في الماء العكر..
وليشرقوا ، فستبقى بلادنا - بمؤسساتها ورجالاتها - حصنا حصينا للإسلام والمسلمين ، حاضنة للحرمين الشريفين ،
ولا عزاء للحاقدين الحاسدين أتباع كل ناعق.