كل نفس ذائقة الموت ولم تكن هناك يوماً نفس أُبِعدت من هذا الموت ولم يكن هناك روح سلمت من هذا الفوت فهذه هي سنة الحياة التي أقتضاها الرب للخلق فمامن نفس خلقت إلا لأجل مسمى وما من مخلوق خلق إلا لقدر معين ( إن كل شيء خلقناه بقدر ) ثم ماتلبث هذه النفس أن ترحل ومايلبث هذا المخلوق أن يفنى لحكمة إلهية لايعلمها إلا رب القدر ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذوالجلال والاكرام ) فكل نفس توفيت أنقطعت من هذه الدنيا مهما كانت أموالها طائلة أو ثرواتها هائلة حينها لم يكن لديها مكان تأويه ولا ملجأ تأتيه فمآلها إلى اللحد ومقرها في القبر، فالقبر هو ذلك المكان الضيق الذي يضم بين جوانبه جثث الموتى ، هو موطن العظماء والحقراء والحكماء والسفهاء ومنزل الصالحين السعداء وهو إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ، وإمادار كرامة وسعادة، أو دارإهانة وشقاوة ، فواعجباً لذوي القربى كيف يتقاطعون ويتحاسدون وهم يعلمون أنهم إلى القبور صائرون ؟ ثم وأعجباً للحكام كيف يظلمون ويطغون وهم يعلمون أنهم غداً في اللحود مقيمون ، اللهم أجرنا من شقاء اللحد ونجنا من عذاب القبر وأبعد عنا عذابها وما فيها من غموم وأجعلها لنا دار كرامة وسعد وحبور وأجعل خاتمتنا في أحس الأمور وصلي اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد سيد الخلق وما آل جثمانه الطاهر إلى هذه القبور .