سهيلة متوكل . جدة
ما يحدث في العالم من انفتاح وتوسع فكري واختلاف حضاري , جعل من بعض الساكنين في اماكنهم والتي طبعت على مسامعهم عبارات الحرام والحلال دون التقصي والفهم الادراكي أن البعض منها حرمها العرف والبعض منها أباحها . كانت المفاجأة أن الأغلب بدأ يتخبط ويلتفت لتفجير ما يؤمن به ويستنكره من الآخرين إما أن يكون ضمن جماعة ارهابية متغلغلة في مفهوم الدين المتزمت المتحجر الصارم في كل أمر وفي كل حسبان كي يطمئن , وإما أن يلحد لا لينكر وجود الله عز وجل بل لينكر أن هذا الدين ليس له أساس من الصحة فيبحث عن ثغرات تجعله ينكر حتى سبب وجوده .
من أكثر المعانِى التي وقعت حروفها في نفسي ولا مست فكري هذه الكلمات التي تحدث بها أحد الدعاة , واليوم سآخذ جزءً من هذا التقوقع الفكري والذي بنى فينا نقصاً أخلاقيا كان بالأمس ظاهرة نادرة , أدى بالبعض الى الحيرة لكثرة انتشاره وبأعلى مستوياته الدونية .
ان من أهم الأسباب التي جعلت من البعض يحكم على الاختلاط أنه محرماً والانفتاح قضية لانهاية لها , هو الفهم الخاطئ لمعنى قول الله تعالى "وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ* إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ" ادراك البعض أن المرأة مكانها هو المنزل فقط ليس لها بصالح عمارة الأرض او التجديد , وحظر أن كلاهما محاسب أمام الله عز وجل , جعلت من البعض يستنكر تواجدها في كل مكان , بل والمؤلم أذيتها واستغلال حاجتها لإثبات وجودها لينتقم لها أشد انتقام , هو لا يشغله فيما تفكر؟! بل هو يظن وبلسان حال البعض أن هذه المرأة انما خرجت "لتتسكع" وهناك ما هو أدهى من هذا المعنى !!
قضايا مختلفة نقرأها يومياً ونتعجب ونتأمل لم ؟ ومتى ينتهي هذا الحال ؟ ولماذا ؟
أهي تربية خرج بسببها جيل يستهين بحماية أعراض الناس وينظر للجنس الآخر على أنه استكشاف ومن حقي أن أبحث فيه , أم هو التعليم الذي لم يعتني جيداً كما يجبر الطالب على فهم وادراك معاني الحياة المختلفة أن يعتني ويعلم منهج السيرة النبوية في احترام وتقدير المرأة , أم هو المجتمع الذي كان بالأمس ولك أن تسمع روايات مختلفة أن الأطفال يكبرون ويترعرعون تحت سقف واحدة يتربى كل هؤلاء بين ساحات منزل واحد "وحارة واحدة" باختلاف القرابة وحتى بوجود أبناء الجيران في نفس المنزل ليكبر الكل أخوة يزمجر ويغار إن أصاب أحد منهم بسوء ,
أم هو الفن الهابط الذي انتشر وأصبح قاموس الانفتاح عند البعض واستهان بقيمة الاخلاق وحصر قيمة الانسان في هيئة لا تطاق ؟ .
لن أكتفي بحديثي عن الشباب لكن ما ترتكبه بعض الفتيات من الفهم الخاطئ لمعنى الانفتاح بازالة حاجز الحياء بينها وبين الشاب سبب رئيسي لتجاوز الكثير في التعامل معها , بل وتجرأ البعض والظن أن من تتحدث معه سهلة المنال , والأخرى لا تضع لنفسها مبادئ تسير عليها في تعاملها واختيارات حياتها , فتستغل من البعض بسبب ضعفها , وبعضهن تفتقر للثقة بنفسها فتختار الطرق الأسهل لتظهر بأبها حلة لتلفت الأنظار ظناً منها أن جمالها مفتاح .
سيختلف معي الكثير في مبدأ اهتمام الفتاة بمظهرها الخارجي وأنه الأساس وليس له علاقة بمعنى الثقة بالنفس أو التفات الشباب , فلتفسروا لي اذا لما تسمح أن يتغزل بها وبمفاتنها أمام العالمين ؟؟
كلا الطرفين مذنب إن ترك المجال وتجاوز الحد , وان لم يترك المجال ووقع الأذى فهناك أنفس مريضة هي من تحتاج حقيقة لإعادة فهم وتأهيل فكري لما تسير عليه الحياة اليوم .
تأملوا أن مايقع اليوم من فتن لهي دروس لفتن عظيمة , أولها :لا تصدق المظهر ولا تستهن بالجوهر , ثانيها :اتقي الله في كل أمر وراقبه وأساله الصلاح والهداية , ثالثها :أن الله وهبك طريق مضيئة هانئة حالمة لما لا تبحث داخل نفسك عن ماذا تريد منها كي ترتقي بروحك أكثر , كن على يقين أنك مهما بلغت ان وجدت في عقلك فكراً عقيماً عالجه وتدارك ما بقي حتى لا تسأل عن عمر مديد فيما مضى , خير نفسك بين مواكبة الانفتاح أو رفضه وفي حال رفضه تعلم التعايش معه بل وجدد من إدراكك نحوه فلعل نظرتك للبعض مؤلمة وتقع في عرضك .
إسالي نفسك سيدتي لما أنزل اليوم بين ساحات العالمين كي أقاسم الفكر والعلم والدنيا رجال من مختلف المجالات ؟ أأبحث هنا عن زوج فريد ؟ أم أنزل لأني بحاجة لتكوين رأس مال ؟ أم لأني أعول أسرة ؟ أم لتفريغ طاقة مكبوتة ؟ أم لأعرف مايدور في الدنيا ؟
كل هذه الخيارات هي السبب الرئيسي لادراكك أن ماتفعلينه هو انعكاس لما سيدور حولك وان ماتنوينه سيكون لك بإذن الله , طهروا نواياكم نقوا نظراتكم فالدنيا تسع للجميع , خلقنا مختلفين لنكمل بعضنا بعضاً ولا أنسى كلمة قالها أحد الدعاة " أعاتب النساء لتشدد الخطاب الديني في كتب العلماء لأنها لم تبحث وتجتهد ولم تناقش لتدافع عن حقها فيه وتطبع بصمة تناسب نساء الأمة , فكان الحكم متعسفاً والحوار جافاً"
استوصوا بالنساء خيرا"صل الله على محمد صل الله عليه وسلم "