ما أسرع مرور الأيام .. وكأنه بالأمس ؛ حين أطل علينا شهر شعبان وملأناه بدعواتنا للخالق القدير أن يبلغنا رمضان ، وكنا نستشعر قيمة ذلك الدعاء ونحن نرى من أهلنا وأحبتنا ومعارفنا من تخطفهم الموت قبل رمضان وحتى أثناءه .نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة.
ولكن هل سألنا أنفسنا حينها بعمق : ماذا نريد أن يضيف لنا رمضان؟
وهل استعدينا لاستقباله بخطة متكاملة وبرنامج عملي لتحقيق تلك القيمة المضافة المرجوة ؟
تلك الأيام المعدودات التي تمضي سريعاً وها نحن على مشارف نهايتها ، فحري بنا أن نقف وقفة مراجعة لما مضى ؛ لنحسن ونجود التخطيط لما تبقى فالعبرة بالخواتيم والمتسابق الذكي هو من لا يستنفذ طاقته من البداية فيتهالك عند نهاية السباق.
ولا يختلف اثنان على أن رمضان هو شهر التحرر من أسر رغبات الجسد حتى تسمو الروح وترتقي ، هو شهر الروحانيات والعبادة بمعناها الواسع الذي يشمل جميع نواحي الحياة ؛ وهذا يدعونا لضرورة الاهتمام بالجانب العقلي والاجتماعي والجسدي في رمضان تحقيقاً للتوازن والتكامل المطلوب في حياتنا.
نتفق جميعاً على أن رمضان هو شهر التغيير والارتقاء ، وأن من لم يتغير إيجابياً في رمضان فهو حتماً لم يستفد من تلك المدرسة العظيمة ، ولذا فعلينا مراجعة واقعنا في رمضان والعمل الجاد على ردم الفجوة بين ذلك الواقع وبين ما نأمله في كافة الجوانب عبادة وعملاً وتعاملاً .
فإن لم نتغير إيجابياً في رمضان فعلينا مراجعة أسلوب صيامنا وإن لم نتحسن صحياً في رمضان فعلينا مراجعة طريقة إفطارنا فرمضان شهر زيادة الإيمان وليس زيادة الأوزان ، وشهر التراويح وليس الترويح ، إنه فرصة العمر لمن وفقه الله لاقتناصها.
وإن كنا قد استقبلنا رمضان ونحن في الأسواق نجمع لرمضان ما نشتهي من المأكل والمشرب ، فهل سنودعه أيضاً ونحن في الأسواق نجمع ما نشتهي من الملابس والحاجيات لنبتهج بها في العيد ؟
وما بهجة العيد الحقيقية إلا لمن أحسن الاستقبال والوداع ومابينهما .
كما أننا لو أحسنا التخطيط لانتهينا من شراء ما يبهجنا في العيد قبل رمضان أو قبل العشر الأواخر بالضرورة .
اللهم اجعلنا في رمضان من المحسنين والمقبولين ، ومن النار معتوقين ، ويوم العيد بالجوائز فائزين ، وأعده علينا سنوات عديدة ونحن في أحسن الأحوال وجميع المسلمين .