الكاتب عبد الله بن أحمد بيه
أهلا رمضان الخير والسخاء ، أهلا بشهر العفو والنقاء ، ربٌ رحيم وشهرٌ كريم فحمداً لله ثم حمداً لله ، هنيئاً لكل مسلم بقدوم ضيف بعد ليلتين له في القلب مكان ، لِمَا يحمله لنا من جودٍ وإحسان ، نسأل الله أن يبلغنا إياه ، ففيه تعلو الهمم وتتسابق للقمم ، فيحوزوا الفلاح بعد الكفاح ، وعظيم الجزاء عقب العطاء .
يقول صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاء رمضان ، فتِّحت أبواب الجنة ، وغلِّقت أبواب النار ، وصفِّدت الشياطين ) "متفق عليه" ، ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إذا كانت أول ليلة من رمضان فتّحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وغلـّـقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب ، وصفّدت الشياطين ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ) "أخرجه البخاري ومسلم" ، ويقول عليه الصلاة والسلام : ( أتاكم شهر رمضان ، شهر بركة ، يغشاكم الله فيه برحمته ، ويـحط الخطـايـا ، ويستجيب الدعاء ، ينظر إلى تنافسكم فيه ، ويباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، فإن الشقي من حرم رحمة الله ) "أخرجه الطبراني" هذه رياحين فواحة من عطايا شهرنا فــ...
لك الحمد يا رب والشكر ثم ... لك الحمد ما باح بالشكر فمْ
لك الحمد في كل ما حالة ... فقد خصنا منك فضل وعمْ
للعامل فيه والباذل خالص التهنئة فقد عرف حق الشهر وخيراته ، وابتغى من فضائله وبركاته ، وللمقصر فيه أحرّ تعزية ، إذ لم ينال من الخير في شهر الخير ، تتصفد فيه شياطين وتخرج فيه شياطين ، شياطين الإنس الذين يعدون عدتهم ويشمرون عن سواعدهم ، ليُخرِجوا لنا مسلسلاتٍ ومسرحيات ، ومسابقاتٍ وحفلاتٍ ، بدعوى الاحتفال بشهر رمضان ، كل ما يحملوه من أفكار وطاقات لا يبذلونها إلا في هذا الشهر ليصرفوا أهل الخير من الخير ، وما هي والله إلا أجندة خفية تحركهم يمنة ويسرة لتصريف الناس عن عبادتهم ومبادئهم .
يا نفْسُ فازَ الصالحون بالتُّقَى ** وأبصَروا الحقَّ وقلبي قد عَمِي
يا حُسْنَهم والليلُ قد أجَنَّهُمْ ** ونورُهم يفُوقُ نورَ الأنْجُمِ
شهر العابدين العارفين ، فيه محطة زادٍ لهم يتلذذون بوصالهم مع خالقهم ، وينتهزون فرص هذا الشهر ، فنهارهم صيام وليلهم قيام ، صيامهم بر وإحسان وقيامهم خشوعٌ واطمئنان ، في شهرهم هذا بعد القيام صلة للأرحام ، ومحو للزلة والمَلام ، وقبلها صدقة ووئام ، وحب خيرٍ وسلام ، فما أجمل شهرهم وما أروع عملهم ، تلذذوا بنسماته ونالوا من نفحاته .
اللَّـيْـلَ قَـامُـوا وَالنَّـهَـار تَـرَفَّـعُـوا **عَـنْ كُلِّ لَـغْـوٍ حَـطَّـمُـوا بُـنْيَـانِـي
وَتَـوَاصَلُوا وَتَـرَاحَـمُوا وَتَعَاطَـفُوا ** وَتَـجَـمَّـلُـوا بِالــذِّكْـرِ وَالـقُــرْآنِ
قَـدْ أَحْجَـمُوا عَمَّـا تَضُمُّ مَـوَائِدِي ** وَتَـعَـلَّـقُـوا بِـمَــوائِـدِ الغُـفْــرَانِ
صَانُوا اللِّـسَانَ وَطَهَّرُوا أَسْمَـاعَهُمْ ** مَـا عَـادَ يُـغْـوِيـهِـمْ بَـدِيـعُ بَـيَـانِي
أختم بثلاث أمنيات أسأل ربي أن يحققها ، أولها نرى رجالاً لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وعن البذل في هذا الشهر وتسخير كل الجهد في عبادته سبحانه ، وتاليها نساءٌ عاملات ناصبات لطاعة ربهن لا يسرفن وينشغلن في الطعام والشراب ومتابعة البرامج والمسلسلات ، وآخرها معرفة شبابنا لفضل هذا الشهر وعظم العمل فيه ، فنراهم مستقيمين تائبين منيبين لا تخدعهم الشاشات ولا الملهيات عن طاعة ربهم .
أَتَى رَمَـضَانُ مَـزْرَعَـةُ العِـبَـادِ ** لِـتَـطْهِـيرِ القُلُوبِ مِنَ الفَـسَادِ
فَـأَدِّ حُـقُـوقَــهُ قَـوْلًا وَفِـعْـلَا ** وَ زَادَكَ فَـاتِّـخِــذْهُ لِلْــمَـعَـادِ
فَمَنْ زَرَعَ الـحُبُوبَ وَمَا سَقَاهَا ** تَــأَوَّهَ نَادِمًــا يَـوْمَ الـحَـصَـادِ