اليوم الأول من رمضان من كل عام .. كم هو يوم مميز .. إنه بداية رحلة التغيير.
كلنا يلمس ذلك التغيير في مظاهر الحياة وأبرزها الامتناع عن بعض المباحات في أوقات مخصوصة ، وهذا ليس هو الغاية والحكمة من الصوم ، وما ذلك الامتناع إلا أحد وسائل التدريب بهدف تغيير (ما بالنفوس) ..فرمضان هو شهر التغيير ولا يتغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
إن فترة التدريب على مدى (29 أو 30 يوماً) ووسائله التي تركز على سمو النفس وشفافية الروح ومن ثم السيطرة على النفس وكبح جماح شهواتها ؛ هي فترة كافية للتخلص من الكثير من العادات السلبية وإحلال عادات إيجابية محلها .
ثم ماذا بعد فترة التدريب تلك ؟ ..
من المفترض ممن اجتاز تلك الدورة التدريبية أن يتخرج منها مكتسباً جدارات متميزة يظهر أثرها كسلوك راق يلمسه كل من حوله .
عندها لا تعود هناك حاجة لاستمرار وسائل التدريب بنفس الكثافة .. فتعود مظاهر الحياة لسابق عهدها قبل رمضان .. أما التغيير الذي حصل بداخل النفس فمن المفترض أن يظل حتى بعد رحيل سيد الشهور.
هذا هو رمضان .. دورة تدريبية مميزة هدفها إتقان فن الحياة بمفهومها الشامل الذي يؤكد على أن الدنيا مزرعة للآخرة .
لذا من المهم أن نحدد أهدافنا قبل رمضان .. وماهي السلبيات التي نريد التخلص منها ؛ والإيجابيات التي ستحل محلها . ونعلم ذلك أبناءنا حتى الأطفال منهم ، حتى ننشئ جيلاً يدرك أن معنى رمضان أعمق بكثير من الامتناع عن بعض المباحات أو تغيير مظاهر ونمط الحياة فحسب ، يدركون أن رمضان هو شهر تغيير ما بداخل النفس للأفضل . وأن من لم يتغير في رمضان يصعب عليه التغيير فيما بعد رمضان .
اللهم بلغنا رمضان ويسر لنا فيه كل سبل الخير والطاعات .. واجعلنا ممن يجتاز الدورة الرمضانية كل عام بامتياز بل ومع مرتبة الشرف.