الأستاذة كوزيت الخوتاني
النفس البشرية ليست معصومة من الزلل، بل الخطأ من ديدنها ويستوي في ذلك الآدميون، وفي ادراك ذلك المعني طمأنينة للنفس وتسامح معها وحسن ظن بخالقها إن رجعت إليه وطلبت منه الصفح والغفران، عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".
فإن التسامح إختيار وليس فريضة وإنما إختيار صعب جدًا، ولكنه ليس مستحيل - فالإنسان القوي فقط هو من يُسامح ولو تمعنا في معنى وقيمة التسامح لوجدنا أنه لا يُمكن أن نُحب بدون أن نُسامح، ولا يُمكن أن نُعطي بدون أن نُحب، فالتسامح والحب والعطاء قوة ثلاثية لا يمكن التفرقة بينهما بل كل منها يُكمل الآخر في معناه وقيمته، وحتى نُسامح بعضنا البعض.
والمسامحة أمر إلزامي لتخطي عقبة الماضي والتصالح معه، أَوَ ليست مسامحة الذات أحد أهم أشكال المسامحة كونها بمثابة إعادة تأهيل نفسية.
النَّاسُ دَاءٌ دَوَاءُ النَّاسِ قُرْبُهُمْ
وَفِي اعْتِزَالِهِمْ قَطْعُ الْمَوَدَّاتِ.
إن التحلي بالعفو يريح النفس ويطمئن القلب، كما يريح الأعصاب ويغني عن كثير من الأدوية، لأنه يجعل صاحبه بعيدًا عن توتر الأعصاب والقلق والاضطراب، وارتفاع ضغط الدم الذي يسبب كثيرا من الأمراض، وذلك لأن صاحب القلب الخالي من العفو يملأ قلبه بالغل والحقد والحسد والتشفي والأخذ بالثأر، وهذا كله إعصار وبركان في النفس لا يهدأ حتى ينتقم فيقع فيما يندم عليه فيما بعد.
قد تصل المسامحة إلى مستوى عميق جدًا يمكن بلوغه حين نعي تمامًا، وحدة الحال التي نعيشها مع الآخرين، في ظل هذه الظروف،ندرك أنّ أحدًا لم يجرحنا بل أننا جرحنا أنفسنا، الآخر هو مجرد واجهة للذات التي تُعتبر كيانًا مطلقًا، تؤدي الذات الدور الذي نوليه إليها. لما عفوت، ولم أحقد على أحدٍ
أرحت قلبي من غم العداوات.
يمكن بلوغ هذا المستوى من المسامحة حين ندرك أن الجزء الذي
يتأذى فينا يعبّر عن هويتنا الحقيقية، وتحديدًا إذا كنا نعاني نقصًا في الحب أو أحد أشكال العنف في حال تصفية النفوس، لا نتأثر بهذه الأفعال أو الكلمات الجارحة. لكن من المهمّ في هذا المجال عدم أداء دور المنفصل أو المهمّش عن المجتمع، لا يمكن عيش مسامحة صادقة من دون الاعتراف بالألم، ما يمكّننا من تحمّل جميع المصاعب في الواقع، حين نرتكب عملاً سيئًا، فنحن بذلك نؤذي أنفسنا في المقام الأول، بالتالي نتحمل المسؤولية الكاملة لذلك العمل. وفقًا لمفهوم العلاقة السببية، يؤدي كل عمل خاطئ إلى وضع كارثي معين.
من خلال إعطاء الآخر مجالاً للتحرر من تأثير ذلك السوء، نتحرر نحن أيضاً من أثره.
وإن العفو شِعار الصالحين الأنقياء ذوي الحلم والأناة والنّفس الرضيّة؛ لأنَّ التنازل عن الحق نوع إيثار للآجل على العاجل، وبسط لخلق نقي تقيٍّ ينفذ بقوة إلى شغاف قلوب الآخرين، فلا يملكون أمامه إلا إبداء نظرة إجلال وإكبار لمن هذه صفته وهذا ديدنه.
إن العفو عن الآخرين ليس بالأمر الهين؛ إذ له في النفس ثقل لا يتم التغلُّب عليه إلا بمصارعةِ حبِّ الانتصار والانتقام للنفس، ولا يكون ذلك إلا للأقوياء الذين استعصوا على حظوظ النّفس ورغباتها، وإن كانت حقًّا يجوزُ لهم إمضاؤُه لقوله-تعالى-: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ}.
وختامًا: إن العفو والصّفح هما خلقا النبيّ- صلى الله عليه وسلم-، فأين المشمِّرون المقتَدون، أين من يغالِبهم حبُّ الانتصار والانتقام، أين هم من خلُق سيِّد المرسَلين ؟!!!
سئِلَت عائشة-رضي الله عنها- عن خلُق رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: "لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.
فالحياة قصيرة جدًا وأنت تعيشها مرة واحدة فعشها رائعة، فقبل أن تتكلم إسمع، وقبل أن تجرح إشعر، وقبل أن تُصلي إغفر، وقبل أن تحكم وتُقيم تَروى، وقبل أن تكتب فكر، وقبل أن تموت عيش، وإبتسم دائمًا في كل الأحوال فلك الدنيا بما فيها.
سامحْ أخاك إذا خَلَطْ منه الإِصَابةَ بالغَلَطْ.
مَنْ ذَا الذي ما سَاءَ قَطْ ومَنْ له الحُسْنَى فَقَطْ.
النفس البشرية ليست معصومة من الزلل، بل الخطأ من ديدنها ويستوي في ذلك الآدميون، وفي ادراك ذلك المعني طمأنينة للنفس وتسامح معها وحسن ظن بخالقها إن رجعت إليه وطلبت منه الصفح والغفران، عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون".
فإن التسامح إختيار وليس فريضة وإنما إختيار صعب جدًا، ولكنه ليس مستحيل - فالإنسان القوي فقط هو من يُسامح ولو تمعنا في معنى وقيمة التسامح لوجدنا أنه لا يُمكن أن نُحب بدون أن نُسامح، ولا يُمكن أن نُعطي بدون أن نُحب، فالتسامح والحب والعطاء قوة ثلاثية لا يمكن التفرقة بينهما بل كل منها يُكمل الآخر في معناه وقيمته، وحتى نُسامح بعضنا البعض.
والمسامحة أمر إلزامي لتخطي عقبة الماضي والتصالح معه، أَوَ ليست مسامحة الذات أحد أهم أشكال المسامحة كونها بمثابة إعادة تأهيل نفسية.
النَّاسُ دَاءٌ دَوَاءُ النَّاسِ قُرْبُهُمْ
وَفِي اعْتِزَالِهِمْ قَطْعُ الْمَوَدَّاتِ.
إن التحلي بالعفو يريح النفس ويطمئن القلب، كما يريح الأعصاب ويغني عن كثير من الأدوية، لأنه يجعل صاحبه بعيدًا عن توتر الأعصاب والقلق والاضطراب، وارتفاع ضغط الدم الذي يسبب كثيرا من الأمراض، وذلك لأن صاحب القلب الخالي من العفو يملأ قلبه بالغل والحقد والحسد والتشفي والأخذ بالثأر، وهذا كله إعصار وبركان في النفس لا يهدأ حتى ينتقم فيقع فيما يندم عليه فيما بعد.
قد تصل المسامحة إلى مستوى عميق جدًا يمكن بلوغه حين نعي تمامًا، وحدة الحال التي نعيشها مع الآخرين، في ظل هذه الظروف،ندرك أنّ أحدًا لم يجرحنا بل أننا جرحنا أنفسنا، الآخر هو مجرد واجهة للذات التي تُعتبر كيانًا مطلقًا، تؤدي الذات الدور الذي نوليه إليها. لما عفوت، ولم أحقد على أحدٍ
أرحت قلبي من غم العداوات.
يمكن بلوغ هذا المستوى من المسامحة حين ندرك أن الجزء الذي
يتأذى فينا يعبّر عن هويتنا الحقيقية، وتحديدًا إذا كنا نعاني نقصًا في الحب أو أحد أشكال العنف في حال تصفية النفوس، لا نتأثر بهذه الأفعال أو الكلمات الجارحة. لكن من المهمّ في هذا المجال عدم أداء دور المنفصل أو المهمّش عن المجتمع، لا يمكن عيش مسامحة صادقة من دون الاعتراف بالألم، ما يمكّننا من تحمّل جميع المصاعب في الواقع، حين نرتكب عملاً سيئًا، فنحن بذلك نؤذي أنفسنا في المقام الأول، بالتالي نتحمل المسؤولية الكاملة لذلك العمل. وفقًا لمفهوم العلاقة السببية، يؤدي كل عمل خاطئ إلى وضع كارثي معين.
من خلال إعطاء الآخر مجالاً للتحرر من تأثير ذلك السوء، نتحرر نحن أيضاً من أثره.
وإن العفو شِعار الصالحين الأنقياء ذوي الحلم والأناة والنّفس الرضيّة؛ لأنَّ التنازل عن الحق نوع إيثار للآجل على العاجل، وبسط لخلق نقي تقيٍّ ينفذ بقوة إلى شغاف قلوب الآخرين، فلا يملكون أمامه إلا إبداء نظرة إجلال وإكبار لمن هذه صفته وهذا ديدنه.
إن العفو عن الآخرين ليس بالأمر الهين؛ إذ له في النفس ثقل لا يتم التغلُّب عليه إلا بمصارعةِ حبِّ الانتصار والانتقام للنفس، ولا يكون ذلك إلا للأقوياء الذين استعصوا على حظوظ النّفس ورغباتها، وإن كانت حقًّا يجوزُ لهم إمضاؤُه لقوله-تعالى-: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ}.
وختامًا: إن العفو والصّفح هما خلقا النبيّ- صلى الله عليه وسلم-، فأين المشمِّرون المقتَدون، أين من يغالِبهم حبُّ الانتصار والانتقام، أين هم من خلُق سيِّد المرسَلين ؟!!!
سئِلَت عائشة-رضي الله عنها- عن خلُق رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: "لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح.
فالحياة قصيرة جدًا وأنت تعيشها مرة واحدة فعشها رائعة، فقبل أن تتكلم إسمع، وقبل أن تجرح إشعر، وقبل أن تُصلي إغفر، وقبل أن تحكم وتُقيم تَروى، وقبل أن تكتب فكر، وقبل أن تموت عيش، وإبتسم دائمًا في كل الأحوال فلك الدنيا بما فيها.
سامحْ أخاك إذا خَلَطْ منه الإِصَابةَ بالغَلَطْ.
مَنْ ذَا الذي ما سَاءَ قَطْ ومَنْ له الحُسْنَى فَقَطْ.