هياط 2015
أصبحنا نعيش في زمن التقدم والتطور في جميع مجالات الحياة ، لكن تمر بنا مواقف ومشاهد تنبئ عن تخلف ودنو أفكار البعض ، فعلاً أصبحنا نرى “ تصرفات وأفعال *“ لا تكون إلا عندنا ، كل معاني " الهياط " وبشتى طرقه وألوانه ، "هياط" ينبع من فكر أعوج وعادة مقيتة ، يظن صاحبها أنه بها يُرفع ذِكره أو يُحقق مراده .
انظر لحفلات الأعراس وما يحدث فيها من تبذير طعام وإسراف في ألعاب نارية وسيارات .. وأسعار القصور التي قد تبلغ أضعاف المعقول ، طعام يرمى وما أُكل ربعه ، ومال يصرف في غير حقه .. إنه الهياط !! .
لِمَ يمر عرسي دون أن يثنى علي ؟! ولم يسبقني غيري في ذاك وذاك ؟! أفلان أفضل مني ؟! ، ما تذكر المسكين قوله تعالى:{ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً } ، فقُلِبَ الإكرام إسرافاً والفرح تبذيراً .. لمجرد الهياط !! .
قبل ذلك انظر في مهور البنات تكمن فيها أيضا صور من صور " الهياط " ، حتى أصبح الشاب عاجزاً عن دفع تلك المهور المبالغ فيها ، مئة ألف ومئة وخمسون ألفا ـ مجرد مهر ـ ، ومع ذلك تجدها لا تجيد صناعة " كوب شاي " لزوجها فضلا عن وجبة طعام ، وفي المقابل نشتكي من زيادة نسبة العنوسة وكثرة الفساد الحاصل بين الشباب والشابات ، لِمَ تلك المبالغ الطائلة ألِجمالٍ فاتن ؟! أم لأخلاقٍ عظيمة ؟! أم سلامةً من كلام الناس ؟! ، أنسينا قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ " إن أعظم النكاح بركة ، أيسره مؤونة " ؟! ، بالفعل مهور تقسم الظهور .. إنه الهياط !!.
تعال معي لذلك الذي يشار له بالكرم ، الذي زاره ثلاثة من صحبه " فأكرمهم " وذبح لهم ثلاثة من الغنم وما جلس أحد عليها غيرهم ، أيُّ إكرام هذا ؟! ، *قال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام { إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ } لاحظ قال دخلو أي جماعة ثم قال فجاء بعجل سمين ، والله لسنا بأكرم منه عليه السلام .. لكنه هياط !!.
ناهيك عن الذي يضيق عليه الحال في النصف الآخر من الشهر ـ كل شهر ـ ، لا يحسن تقديم الفاضل عن المفضول غير تقديمه على التافه من الأمور ، فتثار عنده نشوة " الهياط " عندما يرى أنه يملك هاتفاً غير جديد أو سيارة ليست أفضل من فلان أو بيتاً لم يُجَدد أو أن لباسه بُلِي فقد لبسه ثلاث إلخ ، فيبدأ يجتهد ويحرث الأرض حتى ينتشي بالهياط مع إفلاسه لِيُغير ويُجدد .. في سبيل الهياط !!.
وكذا الذي هياطه في لسانه ( لا يعرف شيئا لا يعرفه ) ، يفتي فيكذب ، ويدل فيُضِل ، ويُخبِــر فيفتري ، فتحرى الكذب حتى أصبحت مهنته ، إن أردته مفتياً كان ، وإن أردته سياسياً كان ، وإن أردته مثقفاً ورياضياً وباحثاً ومفسر أحلام إلخ كان ، لِمَ كل هذا ؟ إنه الهياط !!
لا نحصر هممنا وأفكارنا في دائرة ضيقة لا نجد منها نفعاً ولا ثمرة ، نريد أن نعطي العطاء الأكمل ، ونري أمتنا منا الخير الأمثل ، نسير في سفينة التقدم الأفضل ، ونعيش حياة طيبة ، نؤدي حق الله بطاعته ، نتمسك بسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، لا نهتم بدنيء المطالب التي تزداد بها المتاعب ، نعيش بتوازن ووسطية ، ولنترك كلام الناس ولنسعَ لرضا رب الناس
قدر لرجلك قبل الخطو موضعَها ** فمن علا زلقا عن غِرةٍ زلَجا
للتواصل مع الكاتب /
E-mail : abo.saud12@hotmail.com
twitter : @abojood0300