الأستاذة ـ أميمة عبد العزيز زاهد
كنتَ أول منْ اقتحم أسواري، وأحببتك بكل جوارحي، وأفسحت أمامك الطريق؛ لتحتل مشاعري، ورحبت باستعمارك لعواطفي، ولم تمضِ سوى أشهر قليلة؛ حتى تجمدت مشاعرك، وتحول قلبك إلى صخر، وعطفك إلى جحود، وحنانك إلى قسوة؛ إن الألم يعتصرُني، كلما تذكرت أن ما كنت أظنه حباً عظيماً، ربط بين قلبيْنا؛ فإذا به وهم كبير، اختلطت في رأسي كل ذكريات الحب الرائعة، قبل الزواج كنت تقول إني أجمل مخلوقة رأتها عيناك، وإني أروع شيء في دنياك، وأن أيام عمرك قبل أن تعرفني سقطت من تاريخ حياتك.
سيدي أخبرني ما الذي يحدث؟ فأنت منْ اختارني بملء إرادتك، ولم يجبرك أحد على الارتباط بي؟ أنت بكامل قواك العقلية والعاطفية أحببتني؟ أنت بإرادتك الواعية منْ أعجبتك صفاتي وتصرفاتي؟ أين بربك ذهب الحب؟ أين ذهبت تلك الصفات؟ لقد أوصلتني لمرحلة أصبحت أحذر من أن أتكلم معك؛ حتى لا تُسمِعني بعدها لساعات طويلة كلمات التوبيخ، وتتحفني بانتقاداتك اللاذعة، فأنصت، وأنا مرغمة، لأكاذيبك، ولأنصاف الحقائق التي تفتخر بها، وتنسج المزيد من الأوهام، وتخطئ كلماتك وتصيب من حيثُ لا تعلم موطن الألم.
فأنت لا تتوقف عن الشكوى والتذمر من تصرفاتي ومن جمودي وبرودي وهدوئي؟ وأنت في الأساس لست بالرجل العاطفي ولا الرومانسي؟ ممَ تشكو؟ أنا منْ أحتاج جائزة على صبري وقوة تحملي لتصرفاتك، هكذا هي حياتي معك، ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب، فأنت الإنسان ذو المركز الاجتماعي والثقافي المرموق تعاملني بأسلوب بدائي وجاهلي، فأنا لا يحق لي أن أناقش، أو أعترض، ويجب أن أفعل دائماً ما تأمرني به، باعتبار أن كل ما تقوله صواب، أسلوبك جاف سريع الغضب لأتفه الأسباب، ولا تحب الزيارات لا للأهل أو الأصدقاء، ولكن أين هم الأصدقاء؟ لا أبالغ إذا قلت إنك من أجل ذلك ليست لديك علاقات، فأنت لا تحب شيئاً على الإطلاق إلا نفسك، دائم التذمر؛ حتى لو لم يكن هناك ما يدعو لذلك، مكابر تتمسك برأيك؛ حتى لو ظهر خطؤك، وتصر على قراراتك؛ حتى لو أثبتت فشلها.
لا تعتقد بأنك ستدفعني لأفكر بطريقتك نفسها، أو أتصرف مثل تصرفاتك، أو أتفاعل مع الأحداث كما تتفاعل، كل ما دفعتني له بأني تحولت إلى إنسانة مختلفة، أتلقى صدماتك الواحدة تلو الأخرى في صمت غريب، ولم تعد لي رغبة؛ حتى في الدفاع عن نفسي؛ لأنه من الصعب أن أرضيك، وفي الوقت نفسه استحالة أن أستمر في جو كهذا؛ وبرغم عمق الألم وشدة حزني؛ إلا أني لن أسمح لمشاعري بأن تستمر فريسة لأنانيتك؛ حتى لا تسلبني أغلى أيام حياتي، ووجدت أنه عليّ التذرع بالأمل بعد الصبر؛ حتى أتكيف مع نفسي؛ لتهدأ وتستريح، وسأتخذ لحظتها القرار المناسب في الوقت المناسب