الأستاذة أميمة عبد العزيز زاهد
حيرتني نفسي عندما سألتني: ماذا فعلت بي الحياة؟ ترددت أعماقي في الإجابة، عشت ساعات تعرية أتحدث فيها مع ذاتي، ودار شريط عمري، استرجعت خلالها معاصرتي وصراعي في هذه الدنيا، فأنا لم أحيَ الحياة الزوجية المستقرة، التي طالما تمنيت أن أحياها، فكم من الأمنيات التي لم أتمكن من تحقيقها، وكم من المحاولات التي بذلتها لأشعر بروعة الوليف والعشير، وبجمال الألفة والسكن والمودة، وكنت أعيش والأمل بداخلي وحلمي أمامي، وظننت بأنه بالصبر وبالانتظار سيأتي الأفضل، ولكن اكتشفت بعد فوات الأوان بأن كل حساباتي كانت خطأ، نعم أعرف بأن هذه الحقيقة التي واجهت بها نفسي جاءت متأخرة، ولا قيمة لها؛ لأنها لن تعيد ما حدث، وليس الآن وقت الحساب ولا الرثاء على حالي، ولكني أبحث في ذاتي عن إجابة شافية، فأين مني الحب والعدل والحنان والعطاء والأمان، كلها معان لم أتذوقها، عشت أحلم بها وبتحقيقها في أمسي ويومي، وسأظل أنتظر أن أعيشها في مستقبلي، لو قدر لي الحياة فسأفعل وسأظل أعيش أحلامي التي بنيت فيها قصوراً من الآمال؛ لأني لن أستطيع أن أبنيها في الواقع إلا إذا عشت عكس المعاني والمبادئ والقيم التي أؤمن بها، هل عليّ أن أكذب في مشاعري وأنافق في أحاسيسي وأخدع عواطفي؟ لقد حاولت بإرادتي المقهورة أن أعيش سعادتي، ولكن نموها توقف بسبب تلوث العلاقات بسلوكيات لا تتوافق مع الطبيعة.
كل ما حاولت فعله هو أن أكون دائماً سيدة الموقف؛ لأني لو تخاذلت فسأصبح عبدته، وسيتغلب عليّ، فعندما يستشعر الإنسان منا الأمان بالحب الذي يملؤه يشعر بالتوافق والانسجام بين مكوناته الثلاث، النفس والروح والجسد ويصل إلى درجة الألفة مع نفسه والشعور بذاته، وبالتالي يحقق قمة التصالح والرضا مع ذاته، ويتمتع بنعمة البصيرة والإبصار، ويتفهم ما بداخله ويتعمق بما يحيط به، ترى هل هو احتياج فطري، وتعبير عن حاجات طبيعية لا يمكن كبتها مهما حاول الإنسان وادعى؟ وإذا ما حاول أن يخنقها فهو في الواقع يكبت بعضها؟ أم هي محاولات لفك الحصار عن سعادتي التي لم أتمكن من تحقيقها؟ لا، إنه ليس تذمراً من قضاء الله فله الحمد، هناك العديد من الأمور التي تمنحني السعادة، ولكنه الاحتياج الفطري لإنسان يشعر بأني كيان كرمني الله بالعقل والقلب، بالفكر والعاطفة، إنسان أتآلف معه بروحي ونفسي وفكري، إنسان يبهرني بعقله وحكمته، ويمتلك كياني ويرضي نفسي، إنسان يعيش بداخلي، فروحي معه تعبر كل الفواصل والحواجز والحدود، أحتاج إلى من يقول لي أحبك بصدق وإخلاص وود، فيملؤني فرحة وأهبه كل السعادة.
إنى أدرك ذلك في خيالي، وأسير طائعة راضية، فهي مجرد أمنيات سواء تحققت في الواقع أو لم تتحقق، فإن نفسي ستظل بإذن الله تتعايش بإرادتها القوية من خلال صلتي بخالقي، فهو سبحانه من يختار لي، ودائماً الخير يكون فيما يختاره الله