جدة . سميحة الشنقيطي نبراس
ذهبت لـ طبيبة ذات يوم أشكو وجعاً أصابني، وقد حملت دفتراً كتبتُ فيه الكثير من الأسئلة التي ظننت أنّي سوف أخرج وتحت كل سؤالٍ كتبته إجابة ولكن..!
تفاجئت أنّي خرجت وقد تضاعف عدد الأسئلة التي كتبتها فأخبرتها في مراجعتي التالية : لديّ الكثير من الأسئلة ولا يوجد طريقة تواصل لأخبركِ عن أيّ تطور يحدث معي ..،
فإذا بملامحها تبدلت ولون وجهها تغيّر ونبرة صوتها علت قائلةً : أنا حين كنتُ أدرس في الخَارج لم أكن أملك رقم الدكتورة التي تدرّسني ..! ثم إنني أراك بغير موعد مسبق أساساً.. ماذا تريدين أكثر من هذا التواصل ..؟!
اعتذرت بلباقة وخرجت و قد ملأ الحزن قلبي على أولئك المتدربات اللاتي يتدربن تحت يدها " كونها بروفيسوره" وسوف يترسّخ بداخلهنّ مفهوم خاطئ ..لا يمتُّ للأطباء ومهنة الانسانية بأي صلة ..!
بدايةً
أريد أن يكون هذا المقال هدية لكل طبيب وأخص بالذكر الذين قابلتهم فأكثرهم "و لن أقول جميعهم " كان يحمل ذات الصفات، أكثرهم لهم نظرة دونية للمرضى، إن دلت على شيء فهي تدل على الثقة التامة بـأن المريض جاهل لا يفقه شيئاً مما يخبره به الطبيب .. لذلك تجده يتحفظ بكل شيء، ويتثاقل بالشرح للمريض عن الحالة فيجيب عن الأسئلة بسطحية تامّة.
فتجد المريض يتخبط في البحث عن الجواب الشافي الذي يخبره بأن ما يعاني منه صحيحاً.. وبأن كل ما يشعر به موجود فعلاً ..!
ما يؤلم أنه في القِدم .. كان المريض يسأل الطبيب عما يخص مرضه .. والطبيب يصغي إليه بكل جوارحه و يتباحث مع المريض حتى أن المريض يساعد الطبيب على التشخيص قبل العلاج ..
أما الآن في الوقت الحاضر ..تجد المريض يتحدث مع الطبيب عن الأعراض التي يشكو منها والطبيب غارق في كتابة الأدوية والتحاليل حتى قبل أن يفحص المريض فحص سريري .
فيصبح المرضى يتناصحون فيما بينهم .. البعض أخذ معلومات عن طريق المواقع الإلكترونية .. والبعض كان من الموفقين في إختيار طبيبه، فيكون قد رزقه الله بطبيب إنسان يخبره عن كل ما يسأل وعما يخاف أن يسأل ..
ولعلّ لجوء المرضى للبحث عن شخص عانى مما يعانون منه لكي يكتسبوا منه الخبرة و ليجدوا عنده الجواب الذي لم يجدوه عند الطبيب أو الذي تكاسل عن إخبارهم به يبرهِن على احتياج كل مريض لطبيب يخبره عن كل تساؤلاته .. ولكن من الصعب جداً أن تجد طبيباً كهذا في زمننا الحالي ..
ثم تجد أغلب الأطباء يتسائلون لماذا تنتشر الإشاعات ..!
أمر طبيعي أن تنتشر الإشاعات في ظل غياب أطباء عرفوا معنى الطب الصحيح و طبّقوه ..!
في ظل غياب الأجوبة التي تجعل المريض متفهم لما يحدث معه تماماً ..!
يؤلمني أن أرى المريض كالغريق في وسط بحر يتعلق بكل معلومة .. فيجد نفسه في نهاية المطاف و قد طفى على سفينة من المعلومات .. لا يدري أيها خاطئ وأيها صواب ..!
بالنسبة لي .. حين أحتاج طبيباً لوجع اجتاحه جسدي .. فإن شهادات الطبيب و خبراته وامكانياته .. لا تهمني بقدر ما يهمني تعامله معي كإنسان مريض لا كجسد مريض ...
يهمني أن يتعامل معي تعامل يخبرني به أنه ما تعب كل تلك السنوات إلا لأجل أن لا يتألم أيُّ مريض ..
ولكن أتعلمون ما الأمر المُريب ..!
أن يستهزىء الطبيب بخوف ذوي المريض على مريضهم في الوقت الذي يجب أن يتفهم خوفهم عليه ..
أذكر منذ فتره زرت طبيباً فأخبرني بخطورة الوضع فنظرتُ وقتها للوالدة فرأيت بعينيها نظرة عميقة .. نظره آلمتني ..
ثم أردف الطبيب قائلاً : راجعوني بعد اسبوعين
طبعاً منذ شهور وهو يقول ذات الجملة راجعوني بعد شهر، اسبوعين، ثلاثه ...
فقالت له الوالدة ألا تراه بعيد قليلاً ..؟ و قد ارتجف صوتها ألما ..
فضحك وقال : لا لا .. الله معاكم
أثر بي جداً كونه ضحك لأنها رأت أنّ الأسبوعين طويلة ..
و أنا أخالها ترى اليوم بحالتي طويلاً .
بداخلي براكين من الغضب ثارت لحال الأطباء ..
لكل طبيب مُتخاذل .. لكل طبيب تجرّد من إنسانيّته ..
لكل طبيب يظنُّ أنه فعلَ شيئاً لمريض مازال على فراش المرض .. ما زالَ يعاني مرارة الألم..
أيها الطبيب اللاطبيب
إن كان مازال بداخلك القليل من الإنسانية ..
اترك المهنة و دعها لِمن هم أطباء فعلاً لا اسماً
فلولا المريض ما كنت طبيباً فتواضع ..!
اسئل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك
سلمت يمناك ع الكلام الجميل
من اجمل ماقرأت*
سلمت يمناك حبيبتي*
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيكي
مقالة عميقة، *ولﻷسف تطابق الكثير من اﻷطباء ممن يظنون انهم ختموا العلم، وتجردوا من إنسانيتهم.*
دعائي لك واطيب اﻷمنيات
فانتشر عوائهم حتى وصل الممرات وقاعات اﻹنتظار.