أميمة عبد العزيز زاهد
لماذا لا ندع الفرصة للمراهقين للتحدث عن أنفسهم ومشاعرهم ومشاكلهم وأسرارهم وأحلامهم؟ لماذا لا نترك لهم حرية التعبير عن وجهات نظرهم؟ فهناك أسرار يدمي لها القلب لمراهقات؛ كل مطالبهن أن يجدن من يسمعهن وينصت لهن ويرشدهن إلى الطريق السليم، وهذه بعض الاعترافات.
الحالة الأولى تقول بعبارات مثيرة للشجن وحروف مضطربة، تعكس توتر مشاعرها: «نعم أنا أملك المال وأركب أفخم السيارات وأجوب أفخم الأسواق، أشتري أحدث الموديلات، لكنني أعيش وفي أعماقي رعب دائم وهمّ وقلق. أعيش الألم وأتجرعه مع كل يوم تغيب شمسه ويحل ظلامه. أفتقد إلى الإحساس بالأمان، ومحرومة من الحنان، فأنا أعيش أسوأ وضع أمني داخل منزلي، وإذا بحثت عن أمي مصدر الحنان وموطن الأمان، والشاطئ الذي أغسل بمائه كل الأحزان، وجدت رجع الصدى، فهي تعيش في عالمها الخاص بها. أما أبي فلا أذكر آخر مرة شاهدته فيها. أما إخوتي فكل منهم له حياته ومشاغله، وليست لديّ أخت، ولا أحب أن أختلط كثيراً بصديقات المدرسة، فلهنّ تفكير وتطلعات مختلفة عني، أحياناً أتحدث مع الخادمات في المنزل، وأغلب الوقت أتحدث مع نفسي، ومازلت أبحث عن قارب للنجاة يحتويني!».
والحالة الثانية كانت فتاة صغيرة، بدت أمامي أضعاف عمرها، قالت: «لقد تهت في دوامة المشاكل التي تداهمني كل يوم بلا رحمة؛ دوامة أكبر من عمري بكثير، حاولت أن أجد من يحتضنني من أفراد أسرتي، أو أفتح له قلبي، أو يقتل بداخلي إحساس اليتم الذي استبدّ بي، رغم أن والدي على قيد الحياة، لكن دون جدوى؛ لم أجد من يسمعني أو يلبي ندائي إلا الاتجاه إلى طريق الضياع. كان هذا هو الطريق الوحيد الذي فتح لي ذراعيه، ورحّب بي واستقبلني في عالمه بابتسامة عريضة.. كانت بيوت صديقاتي هي المرتع المفضل لي، أظل أتنقل هنا وهناك على غير هدى، وبمرور الوقت زادت حاجتي إلى مصاريف أنفقها على نفسي، ولم أستغرق وقتاً طويلاً حتى لعب الشيطان برأسي، ودخلت إلى عالم غريب، ودنيا جديدة من الضياع لم أعتدها، ولا أدري هل هناك مجال للتراجع، ولكن كيف، ومن الذي سينتشلني؟! فأهلي لم يتحسسوا حتى غيابي عنهم».
أما الحالة الثالثة فقالت: «أنا فتاة ضائعة، أطلقت على نفسي اسم التائهة، لقد كنت في الماضي فتاة وحيدة مدللة لأسرة سعيدة، حتى فقدت الحضن الدافئ، وانتقلت من مرحلة السعادة لمرحلة الشقاء؛ فقد توفي والدي، ولم أجد من يرعاني سوى خالتي، التي أخذتني إلى بيتها، وهناك كانت الطامة؛ فهي طوال النهار في عملها، وطوال الليل في زياراتها، ولا تدري عني أو عن ابنها الذي يكبرني بأعوام قليلة شيئاً، وقد حاول العديد من المرات التحرش بي، فكنت أحبس نفسي في غرفتي، وعندما حاولت أن أخبرها عما يحاول ابنها فعله معي، نهرتني واتهمتني بأنني مبالغة وكاذبة وواهمة، وبأني ناكرة للجميل، وغضبت مني وأخبرتني بأنني لو فاتحتها مرة أخرى في هذا الحديث أو أخبرت أحداً؛ فسوف ترسلني لأعيش في دار الأيتام! ماذا أفعل وأين أذهب وإلى متى سأقاوم هذا الوضع؟ لا أدري!».
أستكمل المقال في العدد القادم بإذن الله..
لماذا لا ندع الفرصة للمراهقين للتحدث عن أنفسهم ومشاعرهم ومشاكلهم وأسرارهم وأحلامهم؟ لماذا لا نترك لهم حرية التعبير عن وجهات نظرهم؟ فهناك أسرار يدمي لها القلب لمراهقات؛ كل مطالبهن أن يجدن من يسمعهن وينصت لهن ويرشدهن إلى الطريق السليم، وهذه بعض الاعترافات.
الحالة الأولى تقول بعبارات مثيرة للشجن وحروف مضطربة، تعكس توتر مشاعرها: «نعم أنا أملك المال وأركب أفخم السيارات وأجوب أفخم الأسواق، أشتري أحدث الموديلات، لكنني أعيش وفي أعماقي رعب دائم وهمّ وقلق. أعيش الألم وأتجرعه مع كل يوم تغيب شمسه ويحل ظلامه. أفتقد إلى الإحساس بالأمان، ومحرومة من الحنان، فأنا أعيش أسوأ وضع أمني داخل منزلي، وإذا بحثت عن أمي مصدر الحنان وموطن الأمان، والشاطئ الذي أغسل بمائه كل الأحزان، وجدت رجع الصدى، فهي تعيش في عالمها الخاص بها. أما أبي فلا أذكر آخر مرة شاهدته فيها. أما إخوتي فكل منهم له حياته ومشاغله، وليست لديّ أخت، ولا أحب أن أختلط كثيراً بصديقات المدرسة، فلهنّ تفكير وتطلعات مختلفة عني، أحياناً أتحدث مع الخادمات في المنزل، وأغلب الوقت أتحدث مع نفسي، ومازلت أبحث عن قارب للنجاة يحتويني!».
والحالة الثانية كانت فتاة صغيرة، بدت أمامي أضعاف عمرها، قالت: «لقد تهت في دوامة المشاكل التي تداهمني كل يوم بلا رحمة؛ دوامة أكبر من عمري بكثير، حاولت أن أجد من يحتضنني من أفراد أسرتي، أو أفتح له قلبي، أو يقتل بداخلي إحساس اليتم الذي استبدّ بي، رغم أن والدي على قيد الحياة، لكن دون جدوى؛ لم أجد من يسمعني أو يلبي ندائي إلا الاتجاه إلى طريق الضياع. كان هذا هو الطريق الوحيد الذي فتح لي ذراعيه، ورحّب بي واستقبلني في عالمه بابتسامة عريضة.. كانت بيوت صديقاتي هي المرتع المفضل لي، أظل أتنقل هنا وهناك على غير هدى، وبمرور الوقت زادت حاجتي إلى مصاريف أنفقها على نفسي، ولم أستغرق وقتاً طويلاً حتى لعب الشيطان برأسي، ودخلت إلى عالم غريب، ودنيا جديدة من الضياع لم أعتدها، ولا أدري هل هناك مجال للتراجع، ولكن كيف، ومن الذي سينتشلني؟! فأهلي لم يتحسسوا حتى غيابي عنهم».
أما الحالة الثالثة فقالت: «أنا فتاة ضائعة، أطلقت على نفسي اسم التائهة، لقد كنت في الماضي فتاة وحيدة مدللة لأسرة سعيدة، حتى فقدت الحضن الدافئ، وانتقلت من مرحلة السعادة لمرحلة الشقاء؛ فقد توفي والدي، ولم أجد من يرعاني سوى خالتي، التي أخذتني إلى بيتها، وهناك كانت الطامة؛ فهي طوال النهار في عملها، وطوال الليل في زياراتها، ولا تدري عني أو عن ابنها الذي يكبرني بأعوام قليلة شيئاً، وقد حاول العديد من المرات التحرش بي، فكنت أحبس نفسي في غرفتي، وعندما حاولت أن أخبرها عما يحاول ابنها فعله معي، نهرتني واتهمتني بأنني مبالغة وكاذبة وواهمة، وبأني ناكرة للجميل، وغضبت مني وأخبرتني بأنني لو فاتحتها مرة أخرى في هذا الحديث أو أخبرت أحداً؛ فسوف ترسلني لأعيش في دار الأيتام! ماذا أفعل وأين أذهب وإلى متى سأقاوم هذا الوضع؟ لا أدري!».
أستكمل المقال في العدد القادم بإذن الله..