الأحاسيس ليست لها قاعدة ثابتة، فاتجاهاتها تتغير بحسب الأحداث والأشخاص، فتعيش ما بين مدّ وجذب وارتفاع وهبوط، فتارة ترتفع ومرات تنخفض، تلك هي طبيعتها تتغيّر باستمرار، لذا علينا أن نبذل جهدنا؛ حتى لا تسيطر علينا الأحاسيس السلبية، فلا نثور ونشتت فكرنا ونسخط ونتذمر ونغضب وننفعل، بل علينا أن نسعى ونجتهد في أن ننفق طاقاتنا في الاتجاه المناسب، خاصة أننا نؤمن بأن أغلب المشاكل يمكن التغلّب عليها. حقيقة أن الإنسان خُلق ضعيفاً ولكن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، ومهما أوتي المؤمن من قوة فهو ضعيف فقير إلى الله، فهو سبحانه من نستغيث ونستعين به، وهو ملاذنا، ولذلك يجب أن نغير طاقتنا باتجاه الأفضل، ونتعلم بأن التغيير يبدأ من الداخل. قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» صدق الله العظيم.
إن أكثر ما نحتاجه في هذا الوقت هو أن نغيّر من حياتنا ونستثمر عقولنا التي وهبنا الله إياها، ونتعلم ونتدرب كيف نتحكم في أحاسيسنا ونجعلها إيجابية، ونسخّر قدراتنا لتحقيق أهدافنا؛ لنصل للراحة بدلاً من أن نضر أنفسنا ونهدر طاقاتنا فيما لا يفيد، ولا نجعل سعادتنا مشروطة بزوال كل العقبات التي تواجهنا، بل نحاول أن نتعايش مع بعض المشاكل؛ لأن نظرتنا إلى الحياة هي التي تحوّل الألم إلى أمل، فالأحاسيس تعتبر هي القوة التي تدفعنا لاتخاذ سلوك ما تجاه أي أمر من أمور حياتنا، وعلى قدر تمكننا من التحكّم بها، على قدر ما يكون سلوكنا إيجابياً، فردة فعلنا هي انعكاس لما يعتمل في أعماقنا وما يسيطر على عقولنا، فإن كانت متزنة فستكون سلوكياتنا متزنة، ولا بد أن نحذر من الأفكار السلبية التي تهاجمنا، ونحاول أن نبرمج يومنا ونركز انتباهنا على الأمور الإيجابية، لذا علينا أن نتعلم كيف نقوي صلتنا بالله ونُحسن الظن فيه، ونرضى عن أنفسنا، ولن نرضى عنها إلا من خلال قربنا من خالقنا، فكلما بعدنا عنه سبحانه، قلّ رضانا عن أنفسنا؛ لأننا لم نرضِه سبحانه، فالرضا هو أول مفاتيح النجاح. الرضا يعني أن نقبل أنفسنا وظروفنا والعالم من حولنا كما هو، وليس كما نرغب أن يكون، وأن نقدّر قيمة الحياة، ونعرف كيف نعيش كل لحظة فيها وكأنها آخر لحظة في حياتنا؛ نعيشها بالإيمان وبالأمل وبالحب وبالكفاح، وأن نتبنّى الأفكار التي تقودنا لنعيش السعادة، نعم علينا أن نفعل ذلك؛ لأننا نستحق ذلك، ولأن أسرتنا تستحق أفضل حياة ممكنة، والأهم من ذلك؛ لأنها حياتنا والتي لن نعيشها سوى مرة واحدة.
يقول ابن القيم، رحمه الله: «مبدأ كل علم نظري وعمل اختياري هو الخواطر والأفكار، فإنها توجب التصوُّرات، والتصوُّرات تدعو إلى الإرادات، والإرادات تقتضي وقوع الفعل، وكثرة تكراره تعطي العادة، فصلاح هذه المراتب بصلاح الخواطر والأفكار، وفسادها بفسادها.