خطر قادم يفتك بنا ( المخدرات الرقمية )
ظهر في الآونة الأخيرة ضجة وهالة إعلامية واسعة جداً حول موضوع انتشار المخدرات الرقمية "Digital Drugs" والتي يتم الحصول عليها عن طريق مقاطع موسيقية "MP3" وعبر مقاطع الفيديو على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي فماهي يا ترى هذه المخدرات الرقمية؟ وما هو تأثيرها النفسي على المتعاطي وأسرته ؟ وما دور الأسرة لحماية أبنائها من هذا الخطر؟ هذه الأسئلة راودتني قبل أن أكتب حرف واحد في مقالي هذا .
نعم أعلم يقيناً أن بعضهم يقول أنتم تهولون الموضوع وتعطونه أكبر من حجمه كثيراً فما هي إلا نغمات موسيقية تساعد سامعها على الاسترخاء والتأني والتأمل ولا ضرر بها ولكن ما شاهدناه في وسائل الأعلام سواء المقروء أو المسموع أو المشاهد ينفي هذا القول تماماً .
في البداية سوف أجيب على أول تساؤلاتي وهو ماهي المخدرات الرقمية ؟
المخدرات الرقمية هي موجات صوتية ذات ترددات وذبذبات مختلفة ومقصودة من المروجين تؤثر وتهيج في عمل الإشارات الكهربائية الموجودة في مخ الانسان ويكون تأثيرها نفس تأثير المواد المخدرة مثل (الكوكائين وميثانفيتامين والهروين ) وكما نعلم مدى تأثير الصوت والموسيقى الصاخبة على المخ ونجد هذا يتجلى وبشكل ملحوظ حين سماع هذه الموسيقى الصاخبة التي تجعل سامعها في حالة هسترية مجنونة وتعيشه في عالم آخر غير عالمه الواقعي .
لابد أن نعرف جميعاً أن مخ الانسان بتكوينه الرباني يوجد به إشارات كهربائية ومتى ما اختلت هذه الإشارات اختل التوازن في الدماغ وهذا ما يريده المروجون لهذا النوع الجديد من المخدرات فحين سماع هذه الموسيقى يحصل هذا المتعاطي على نشوة بعد الانتهاء من الاستماع وذلك بمقابل مادي ويتم هنا الصراع الداخلي في الدماغ حيث أن الدماغ يحاول جاهداً أن يكون توازن بين الترددات وهذا الأمر يجعله في حالة عدم استقرار دائم . من هنا يحدث عدم التوازن في حياته العامة ويزيد طلبه على هذا النوع من المخدر.
ومما لاشك فيه أن المروج على دراية تامة بهذه الترددات التي يرسلها والتي تحدد له نوع المخدر الذي يحتاجه المتعاطي حيث يقول بعض المروجين أنه بعد دراسة حالة الدماغ وطبيعة الإشارات الكهربائية التي تصدر عن الدماغ بعد تعاطي نوع محدد من المخدرات يمكن تحديد حالة النشوة المرغوبة، حيث ان كل نوع من المخدرات الرقمية يمكنه أن يستهدف نمطا معينا من النشاط الدماغي والذى يعمل كتاثير تعاطى المخدر بصورة حقيقية وما ينتج عنه من عدم الاتزان، وضعف التركيز، وربما دخول مرحلة اللا وعي، وطبعا يشترط المروج نتيجة الاستماع عبر (سماعات الرأس) لموجات، ونغمات محددة عبر الأذن اليمنى، ثم الأذن اليسرى، ثم الأذنين مجتمعة، تسمع عادة في مكان مظلم، مع تغطية العينين، وشرب الماء قبل الاستماع..
أما التأثير النفسي على الفرد من هذه المخدرات فهو تقريبا نفس تأثير المخدرات الأخرى حيث تدهور مستوى الصحة النفسية والجسمية وازدياد مستويات أو معدلات السلوك الإجرامي والعدواني على المستويين الشخصي والاجتماعي وحوادث العنف والسرقة والخطف والتحرش الجنسي وذلك بسبب الاضطراب العقلي الذي يحدث نتيجة لآثار التعاطي السلبية أو للرغبة في الحصول على الأموال اللازمة للتعاطي والحصول على النشوة الناتج عن تعاطيها . ومن ثم الإدمان والتعود والازدياد المضطرد في معدلاتها كما أنها تسبب في حالات عديدة توتراً كبيراً وتعيق قدرته على الأداء ويمكن أن يؤدي التعاطي، إلى أضرار نفسية، وفيسيولوجية مستديمة حيث أن الأفراد المدمنين للمخدرات أيا كان نوعها لا يهمهم أي شيء في هذه الحياة، سوى الحصول على الجرعة التالية من المخدر من هنا تنجم الطامة الكبرى التي تؤثر على شخصه أولاً ثم أسرته ومجتمعه ثانياً.
اما عن دور الأسر في حماية أبنائهم من هذا الخطر الفتاك فيكمن في الرقابة المباشرة للأبناء وتعتبر من الضروريات والتحاور معهم وشرح هذا الخطر القادم الذي يهدد مجتمعنا بكل يسر وسهولة وإيضاح خطرها المدمر عليهم وعلى المجتمع برمته وأيضا إيضاح خطر هذه المخدرات التي من المؤكد ان لها تأثير سلبي على خلايا المخ بل قد تقتل خلايا المخ التي لا يمكن تعويضها مثل باقي خلايا الجسم الأخرى .
ويأتي أيضاً دور الجهات الرقابية التي يُحمل على
عاتقها الكثير من نشر الوعي بخطر هذا النوع من المخدرات التي داهمت مجتمعنا وذلك بتنفيذ الندوات وإصدار المنشورات والتوعية في جميع وسائل الإعلام المشاهدة والمقروءة والمسموعة وذلك للتحذير المستمر من هذا الخطر وتزويد المجتمع بأرقام وإحصائيات حقيقية وذلك كون الحصول على هذه المخدرات أمر سهل للغاية عن طريق النت ولا يوجد عليها حظر.
في النهاية أسال الله أن يحمي بلدنا وأنفسنا وأبنائنا من هذا الخطر القادم ويجب علينا كمجتمع أن نتكاتف جميعاً للحد من هذا الخطر الذي ينهش في أمتنا الإسلامية والعربية.
ودمتم بسلامة جميعاً
د. ماجد على قنش
استشارى علم نفس وسلوكيات اسرية