• ×

قائمة

Rss قاريء

ما هي دوافع من يعترض على انشاء الصناديق السيادية؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط


حوار طويل يدور منذ سنوات حول موضوع إنشاء صناديق سيادية سعودية تستوعب فائض الايرادات وتستثمر في الطريق الصحيح داخليا أو خارجيا ، ولكن بكل حذر لتنمية هذه الفوائض ليستفيد منها الأجيال القادمة أو نستفيد منها في الأزمات الاقتصادية العالمية التي تمر أحيانا حسب الدورات الاقتصادية،
وكما يعلم الجميع بأن أزمة انخفاض أسعار البترول السابقة دفعت الى تراكم الدين العام في المملكة وذلك قبل حوالي عشرون عاما حتى وصل الدين العام الى نسبة 100% من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد ، وقد ناقشنا هذا الموضوع مطولا في مجلس الشورى عندما كنت عضوا فيه ، ولقد وفقت اللجنة الاقتصادية في المجلس آنذاك بتوصية لانشاء صندوق احتياطي وقد نجحت هذه التوصية وأصبحت قرارا ، الا أن البعض وللاسف الشديد من أعضاء مجلس الشورى يقف عائقا أمام هذه التوصية ويعمل للاطاحة بها ويؤسفني كل الأسف بأن من يتبنى هذا التوجه هم من رجال الأعمال الأعضاء في المجلس والذين كنت أتوقع منهم الدعم والمساندة لهذا المشروع الذي سيحفظ للاجيال القادمة تراكم الفوائض في هذه الأيام التي نعيش فيها حيث زيادة في الانتاج وارتفاع في سعر البترول ،
وقد كانت أحد أهداف توجهنا لانشاء هذا الصندوق الاحتياطي هو المحافظة على استقرار ايرادات الخزانة العامة وذلك لنتفادى تكرار تجربتنا السابقة ، وان مايدفعني اليوم لطرح هذا الموضوع وتأييد قرار مجلس الشورى السابق بانشاء صندوق سيادي يوضع فيه فوائض الميزانية حيث ان توقعات بعض من المؤسسات المالية العالمية بما فيها صندوق النقد الدولي لاحتمال انخفاض أسعار النفط الى حدود 80 دولار للبرميل ، واذا تحقق هذا التوقع فهذا يعني اننا بحاجة للاستدانة مرة أخرى لموازنة الايرادات مع المصروفات وان أزمة الثمانينات والتسعينات لا زالت في أذهاننا وأذهان الاقتصاديين ، وقد يرد علينا البعض بأن هناك صندوق سنابل وهو صندوق سيادي وبالامكان الاستفادة منه في نفس التوجه وأنا شخصيا داعم ومساند لصندوق سنابل لكنني أطمح الى تطوير عمله ليحقق الهدف المهم من إنشاءه وأخص على وجه الخصوص تنويع استثمارات هذا الصندوق في مجالات تقنية طويلة المدى وعوائدها على المدى الطويل،
كما أنني أتمنى بأن توجه استثمارات الصندوق السيادي المقترح أو صندوق سنابل الى تمويل مشاريع تنموية في بلادنا أو الى تمويل مشاريع التنمية الضخمة التي تقوم بها شركات أجنبية تمول أعمالها من خلال بنوك تجارية أجنبية .
ان مشاريع الاسكان قد تكون أحد الأهداف التي بالامكان أن يساهم فيها صندوق سيادي على المدى الطويل ،
ان تجربة بعض من الدول الخليجية والعالمية في تحويل فوائضها للصناديق السيادية تجربة ناجحة حققت عوائد جدا ضخمة ومن يرغب بمتابعة مايدور في عالم الصناديق السيادية فسأطرح بعض المعلومات،
ان تاريخ انشاء أول صندوق سيادي في العالم كان في عام 1953م وأخذت تنشط هذه الصناديق بصورة سريعة جدا وتخصص بعضها على استحواذ حصص في القطاع المالي حيث تم استحواذ حصص في مورغان ستانلي وبير ستيرن وميرل لينش وسيتي غروب و UBS .
وتشير دراسة لمؤسسة " مورغان ستانلي" بأن حجم أموال الصناديق السيادية حوالي 2.5 ترليون دولار.
أما ستاندرد تشارترد فتقدر أن حجم موجودات تلك الصناديق يعادل 12 في المائة من اجمالي القيم المتداولة في بورصة نيويورك او 42 في المائة من اجمالي القيم المتداولة في بورصة طوكيو،
ويعتقد البعض بأن ظاهرة الصناديق السيادية هي محصورة للعائلات المالكة في دول الخليج العربي وهي قد تكون اشاعة مغرضة والحقيقة أن عدة دول في العالم تمتلك صناديق مماثلة ومن بينها النرويج التي تمتلك أحد أكبر الصناديق والتي تقدر موجوداتها بأكثر من 322 مليار دولار، وكذلك تدير كل من سنغافورة والصين وروسيا صناديق مماثلة ذات وزن كبير، يقدر ستاندرد تشارترد حجمها بقرابة 100 مليار دولار، وكذلك أسست كل من التشيلي فنزويلا هيئات من هذا النوع، وتعتبر عائدات النفط هي المصدر الأساسي لفوائض ميزانيات الدول المنتجة للبترول وارتفاع أسعار النفط وزيادة الانتاج يؤدي الى زيادة الواردات وتضخم هذه الصناديق.
ويعتبر جهاز أبو ظبي للاستثمار أكبر الصناديق السيادية في العالم - ان لم يكن هو الأول- وذلك بالرجوع الى حجم موجوداته بالدولار الأمريكي ونسبة تلك الموجودات الى الناتج المحلي لدولة الامارات العربية المتحدة.
وبعد هذه المعلومات البسيطة هل يقتنع اولئك الذين يقفون معترضين على انشاء الصناديق السيادية التي تحفظ فوائض الايرادات وتنميها ليستفيد منها الجيل القادم أو لتحمينا من النكسات المالية العالمية وتسيطر على الآثار السلبية في الايرادات نتيجة ارتفاع وانخفاض اسعار البترول ؟ ، وأخيرا أتساءل ايهما الأفضل نضع هذه الفوائض في سندات الحكومة الامريكية أو غيرها ذات عوائد متدنية في الوقت الذي تؤكد جميع المؤشرات بأن عوائد الاستثمار في بعض القطاعات في بلادنا هي الأعلى في العالم ؟ .
هذا رأي شخصي أضعه اليوم أمام صانع القرار متمنيا أن يحظى بقناعة من يختلف معه.
د. عبدالله صادق دحلان
كاتب إقتصادي سعودي


 0  0  13.8K

التعليقات ( 0 )

جديد المقالات

بواسطة : فاطمه احمد

في زحام الحياة، نجدنا محاطين بعدد هائل من...


بواسطة : محمود النشيط إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي

يجهل بعض من عامة الناس، والسياح في بعض الدول...


القوالب التكميلية للمقالات