تجري الرياح بما لا تشتهي السفن جائحة كورونا لم تمهلنا ولم تسهل علينا الأمور لتحقيق ما كنا نتمنى وندعو له، والحديث عن مشاركة المملكة في أولمبياد اليابان 2020 والذي أجل وأقيم في 2021، وكثير هي الدول التي لم تحقق شيئاً ولم تصل إلى الحد الأدنى من مستوى طموحاتها، ورغم أننا في مشاركاتنا الأولمبية السابقة لم نكن من الدول التي تحقق الميداليات بكثرة أو كنا متخصصين في لعبة معينة كأسياد لها، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الأولمبياد على وجه التحديد، شهد أكبر مشاركة سعودية بالأولمبياد عبر تاريخها وبـ33 لاعباً يمثلون 9 أنواع من الرياضة، وطبعاً الغلبة لمنتخب كرة القدم عدداً، وثالث مشاركة نسائية، وكذلك في لعبة الكاراتيه التي خسرنا فيها الميدالية الذهبية بشكل دراماتيكي ويمكن القول بين قوسين بشكل متعمد.
نعم هي ميدالية واحدة حصلنا عليها، وتكريم صاحب الميدالية لاعبنا في الكاراتيه طارق الحامدي باستقبال صاحب السمو وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية السعودية الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل له، إنما دليل على اهتمام سموه والقيادة بالرياضة، ورغم أن لاعبنا الحامدي كان يستحق الذهب لولا ما حدث من تعمد اللاعب الإيراني للتعرض للإيذاء وتدخل الحكم التركي لإقصاء لاعبنا السعودي رغم تقدم السعودي بالنتيجة 4-1، ولا يمكن تفسير ما حدث بعيداً عن نظرية المؤامرة، ولكن في نهاية المطاف مبروك لطارق ومبروك لنا هذه الميدالية، والتي إنما تدل على بدء مسيرة الاهتمام بالألعاب الفردية في المملكة، وعبدالعزيز بن تركي نستشعر منه كم سيولي هذه الأنواع من الرياضات الأهمية البالغة والقصوى، لأننا قادرون على المنافسة بها متى ما توفرت لها الإمكانيات والبنى التحتية اللازمة، على عكس المشاركات في الرياضة الجماعية خاصة كرة القدم التي تستنزف الكثير وتحقق القليل للأسف.
مبروك لابن جازان طارق حامدي الميدالية الفضية وهذا الإنجاز العالمي، وهي ثاني ميدالية فضية نحققها للسعودية، ورغم تواضع النتائج العربية التي اقتصرت بالذهب على الشقيقتين قطر وتونس، لكن تبقى الدول العربية بعيدة كل البعد عن الإنجازات الأولمبية، وبالنسبة لنا في المملكة، فلا شك أن الأربع سنوات الأخيرة من عمر الرياضة لدينا، شهدنا الكثير والكثير من التحولات والتحديث والتطوير، وتغيير المفاهيم والاهتمامات، وبالتالي ورغم أننا كنا نتأمل مشاركة إيجابية نوعاً وليس كماً، ولكن كورونا وما فعلته بنا كانت لنا ولغيرنا بالمرصاد، ويكفي أن نعلم أن الروس في المرتبة الخامسة من حيث ترتيب الدول الحاصلة على ميداليات في الأولمبياد وهي التي كانت تنافس الأمريكان والصين على المراتب الأولى.
الآن ما زالت الملفات لدينا مفتوحة، وما زالت جعبة عبدالعزيز بن تركي تحوي الكثير والكثير، نعم الفترة القادمة لدينا تركيز كلي على كأس العالم 2022 في الدوحة، وهو أمر لا بد وأن نكون كلنا على قدم وساق نعمل من أجله، ولكن ملف الأولمبياد وتنوع الملف الرياضي السعودي خاصة في مجال البطولات الأولمبية وتحقيق الميداليات في الألعاب الفردية، أمر يحتاج إلى خطوات إضافية لزراعة روح المنافسة والرغبة في التحدي لدى شبابنا السعودي ذكوراً وإناثاً، والأمر لا بد وأن يبتدئ من الصف الأول ابتدائي في المدرسة، والحمد لله لدينا بعد توفيق الله كل ما يلزم لتحقيق هذا الطموح، ولاة أمر مهتمون وداعمون، وإمكانيات ضخمة، وشباب متحفز ولديه الموهبة والرغبة، ولدينا عبدالعزيز بن تركي كابتن الطموح والتحدي والإنجاز السعودي.
شكرا لشبابنا الذين شاركوا في الأولمبياد، نعم كنا نتمنى ونطمح لأفضل من ذلك، نقدر الظرف العام والجائحة، شكراً لطارق على فضيته التاريخية التي هي بعيون الوطن ذهبية، وشكراً لعبدالعزيز بن تركي الفيصل على كل شيء، والأهم شكراً على أننا مستمرون بالطموح لأننا واثقون أننا نقدر بإذن الله تعالى.