قالت: كنت أتساءل بيني وبين نفسي هل يا ترى هذا هو الحب الذي وهبته لسيد قلبي؟ وهل حقيقي أنه كان يستحق كل ذالك الحب؟ فقد كانت استجابتي له وحاجتي إليه لا يحدها حدود ولا ظروف، حتى جاء اليوم الذي تأكدت تماماً بأن من منحته وبكل رضا سيادة قلبي كان احتياجه لي مرهوناً بظروفه، ومكانتي لديه مرتبطة بوقت فراغه، يا للقسوة! كيف استطاع أن يعيش أحاسيسه بدوني؟ يخيل لي أنه لم يعش معي أي مشاعر صادقة، وإلا كيف يتحمل غيابي ولا يفكر حتى بالاطمئنان عليّ أو سماع صوتي، ولم يبادر ولو بإحساس بسيط يشعرني بأني شيء ما لديه؟ إن من يحب بصدق يفكر وهو في قمة انشغاله، فما دام يحبك فإنه سيبحث عنك في جميع الأوقات، فالحب لا يعرف وقتاً ولا زمناً ومن يحب يحن لحبيبه في وقت همومه وفي عز مشاكله، ويحتاج إلى وجوده أكثر من أي وقت آخر، فأين أنا من قلبه؟ كم هو الفرق كبير بين حبي وحبه، هذا لو افترضت أنه فعلاً أحبني أقول: عندما ينشأ الإنسان على نمط معين في الحياة ويعيشه ويعتاد عليه في الغالب، يكون نمط حياته غير مألوف لدى الطرف الآخر، الذي يكون معتاداً على طريقة معينة كأمر طبيعي، هنا نفكر ترى كيف تتم الموازنة بين السلوك وردة الفعل بين رجل وامرأة نشأ بينهما حب، واتخذا قرار الحياة معاً؟ فعندما يكون الرجل معتاداً أن يغيب في عمله لفترات طويلة، ويشغله عمله عن الاتصال أو حتى إرسال مجرد رسالة ليطمئن بها على زوجته، وتبقى هي حبيسة الانتظار والقلق، فهو قد اعتاد أن لا يفكر ولا يشغل باله بأي شيء غير عمله، وهي كامرأة تكون متعلقة به لدرجه أنها تفتقده وسط مشاغلها، وتظل مشحونة بالعواطف والأحاسيس، تفكر وتتألم وتحزن، وهي تنتظره في مثل هذه الحالة، ما المطلوب منه حين يلقاها؟ هل يصرح لها بحبه وشوقه ويعتذر بأن مشاغله هي التي حالت دون وصالها؟ وهل ستنسى هي كل آلام الانتظار وأنين القلق الذي عاشته، وتلقي بأشواقها بين أحضانه، وتُكرر العتاب المغلف بالشوق والحب، وهو يستمع إليها ويجدد نشاطه وحبه للحياة والعمل من خلال لهفتها وحبها وشوقها له؟ وهل يعلم الزوج أن من دواعي سرور الزوجة أن تكون وسط جدول أعماله المهمة، وأنها تقيس حجم حبه لها بضمها ضمن ساعاته مهما كانت مشاغله ولو بهمسه حانية، أو بحروف قليلة لا تأخذ منه وقتاً خاصة عندما يكون هو من شجع في البدايات أسلوب الاستحواذ، وكانت تمثل له أكبر اهتماماته وأول أولوياته، وجعلها كطفلة مدللة، وكان مجرد غضبها يجعله يترك كل ما في يديه لكسب رضاها، فهو من جعلها تطمع بالمزيد من وقته، وهي تظل تلوم نفسها بعد أن أصبح ينفر من هذا الأسلوب، وتحاول هي أن تتغير، ولكن لا تستطيع لأنها تعودت أن تكون في حياة من تحب كل شيء، وهذا هو الفرق بين حب الرجل وحب المرأة