"أحن إلى خبز أمي..
وقهوة أمي..
ولمسة أمي.."
(محمود درويش)*
تجمعنا بعد أن كنا لا نجتمع...
تجمعنا في بيوتنا في كل الأوقات وتجمعنا على مائدة طعامنا في وقت واحد على طبخات أهلنا، أمهاتنا، زوجاتنا، و أخواتنا.
بعد أن كنا لا نجتمع، كلٌ في عمله، و نعود و نأكل في صواني و أوقات مختلفة، حتى ملت المطابخ منا، بعد أن كانت المطاعم ملتقانا وتجمّعنا من غير أهلنا !
تعودنا على أكل بيتنا النظيف الصحي والشهي الذي كاد أن يفقد هويته في نفوسنا و بيوتنا، و أصبحنا نبحث عن أكلاتنا الشعبية القديمة و أسمائها، و نطبخها لأبنائنا و أهلنا.
كنا نجري خلف ماذا؟ كنا نقول الوقت لا يسمح للتلاقي و لا نستطيع، كانت هذه أعذارنا الدائمة لأهلنا !
فتحنا مصاحفنا ... استرجعنا هواياتنا و بدأنا نمارسها ... تأملنا ...و كتبنا الشعر و ألفنا القصص، و رسمنا اللوحات ، عدنا إلى الهدوء والتامل.
ما أجمل اللقاء في بيوتنا.
تقارب الابناء و الآباء و الأمهات و من يسكن معهم في الدار .
ما أجمل التواصل في وقت واحد مع جميع أهلنا من كل دول العالم للاطمئنان بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي .
بحثنا عن ألعابنا الشعبية في مستودعات المنازل والأدراج وتسامرنا على كيرم وكمكم وكوتشينا ( ربما لها مسميات أخرى في مناطق أخرى) و سألنا الجدات عن البربر والكبوش والكبت ، ليتنا نعلمها أبنائنا في المدارس للمحافظة عن الموروث.
جمعنا الأمان والمكان والزمان.
وكيف نستطيع نرد الجميل لقادة دولتنا الذين قدموا قصص تروى بالخيال والجمال؟
أرسلت رحلاتها لجلب الدواء والغذاء، و عزلت سكانها في بيوتهم و أقفلت المولات و المحال التجارية وتحملت ماتحملت، جمعت أبناءها من جميع دول العالم كالأم الحنون تجمعهم تحت أجنحتها، و حثتهم على العودة، و أثناء حجرهم الصحي، قدمت لهم الخدمات و المساعدات و العطاءات، و لم تفرق بين مواطن و مقيم و "مخالف" ، بل كان همها حماية الجميع من الجائحة و تبعاتها.
لدي تساؤل ... بعد العودة لحياتنا الطبيعية هل نستمر في المحافظة على ما اكتسبناه من عادات جديدة من تآلف وتقارب بعد ما افتقدناه مدة من الزمن ؟ و نشكر الله أن من علينا كل هذه النعم ؟
أقبل ثرى وطني وأغرس فسائله ورياحينه وزهوره ووروده النديه.
———————————
* محمود درويش "شاعر فلسطيني"
ابحرت معك في المشاعر و الكلمات..♥️
فعلا ماذا سنفعل بعد الجائحة ؟