حمد عبدالله الفجري*- سلطنه عمان
الأطفال هم بهجة الحياة الدنيا وزينتها، وهم عماد المستقبل الذي ترتكز عليه كلّ حضارات الدول، فأساس ازدهار الدول وتقدمها يكون في إعداد أطفالها ليكونوا قادةً يحملون لواء العلم والمعرفة والثقافة والتقدم، لذلك يجب أن يكون الأهتمام الأكبر في جميع الدول من نصيب الأطفال، ويجب أن يحظوا بجميع الأهتمام من كلّ فئات المجتمع، وبكلّ الوسائل المتاحة. ظاهرة تشرّد الأطفال تبرز كظاهرةٍ خطيرةٍ جداً، تُلوّث المشهد الحضاري، وتقلب كل موازين الإنسانية رأساً على عقب، وهذا المشهد البائس يتمثل في رؤية الأطفال المتشردين الذين يجوبون الشوارع دون أي معين أو كفيل، ويفتقدون لأجواء الأسرة والأهتمام والرعاية، فظاهرة تشرّد الأطفال تعتبر من الظواهر المنتشرة في الوقت الحاضر، خصوصاً في دول العالم الثالث، حيث الفقر والجوع والحروب. من أهم أسباب تشرّد الأطفال التفكك الأسري الذي يرمي بالأطفال في عرض الشارع، وتخلّي الأم والأب عن دورهم المقدّس، فيقع الأطفال ضحيةً لكل هذا، كما تلعب بعض الظروف في زيادة نسبة تشرّد الأطفال، وذلك من خلال انتشار عمالتهم، وتوليهم مهاماً أكبر من عمرهم بكثير، تتمثل في تحملهم مسؤولية الإنفاق على أسرهم. لا يقتصر تشرّد الأطفال على ضياعهم في الطرقات، ونومهم خارج البيوت ودور الرعاية، وإنما يمتدّ إلى مشاكل أعقد من هذا بكثيرٍ، يتمثل في انتشار ظاهرة تسول الأطفال، جنباً إلى جنب مع ظاهرة التشرّد، لأن الطفل المتشرّد بطبيعة الحال يفتقر إلى من يُنفق عليه، فيلجأ إلى التسول وأحياناً إلى السرقة، كي يسدّ رمقه، مما يربي جيلاً منحرفاً، لديه ميول للجريمة، وانحراف خطير في شخصيته. يشكل انفصال الأطفال عن بيئاتهم الأصلية بذرة التشرّد الأولى، وبداية دمار المجتمع وبنيته الأساسية، لذلك لا بدّ من إيجاد حلولٍ مناسبةٍ للحدّ من ظاهرة التشرّد والسيطرة عليها، وهذه الخطوات يجب أن تكون على مستوى الحكومات والدول، وبتنسيقٍ جماعي من مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات والجمعيات الخيرية ودور الرعاية، وتبرز أهمية دور الرعاية وقرى الأطفال وملاجئ الأيتام للأطفال الذين لا يمكن أن يلتمّ شمل أسرهم، نتيجة موت الأم والأب، أو بسبب أنهم أطفال مجهولو النسب. الأطفال أمانةٌ في أعناقنا جميعاً، وتربيتهم ورعايتهم هي حقٌ لهم وواجبٌ على الجميع، لأن الطفل الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى لنا، من حقه أن يعيش طفولته على أكمل وجه، وأن يتلقى تعليمه حتى النهاية، وأن يعيش وسط نظامٍ أسريٍ مترابط، كي نربي جيلاً واعياً، لا يحمل في قلبه الحقد والضغينة لأي أحد، وكي نحميه من نار التشرّد والضياع.
كما أن هناك أسباب تساعد تواجد هذه الظواهر
1-التفكّك الأسريّ بأشكاله المتعددة، وتشمل الهجر والطلاق أو وفاة أحد الوالدين أو سفره.
2-الأوضاع المعيشيّة السيّئة وارتفاع نسبة البطالة، إذ توجد عائلاتٍ كاملةٍ تعيش بدون معيل، مما يؤدّي ذلك إلى دفعهم بأطفالهم للشوارع للعمل أو التسوّل أو غير ذلك، بالإضافة إلى التسرُّب من التعليم والمدارس.
3-انتشار التجمعات العشوائية التي تفتقر للظروف المعيشيّة الجيدة التي تمثّل البؤر المستقبلية لأطفال الشوارع.
4-انتشار الثقافة الغربية بين المجتمعات والحريّة الشخصيّة، ممّا يؤدّي ذلك إلى خروج الطفل لحياةٍ خاصةٍ لا يعي نتائجها.
سوء معاملة الآباء والأمهات لأطفالهم، ممّا يؤدّي ذلك إلى هروبهم وخروجهم للشارع.
5-النتائج أكبر نتائج تشرُّد الأطفال هو التحوُّل للجريمة، فمن أخطر النتائج هو استقطاب المنظماتِ الإجراميةِ عدداً كبيراً من هؤلاء الأطفال وجلبهم للعمل معهم، واختلاط الأطفال بذوي السوابق الإجرامية، مثل: مدمني المخدرات، والسارقين، والقتلة.
6-لجوء العديد من الأطفال إلى القبول بظروف عملٍ سيئة صعبة جداً للحصول على قوت يومهم، وقد يلجأ البعض الآخر إلى الطريقة الأسهل للكسب وهي السرقة أو العمل لدى المنظمات الإجراميّة.
7-ظهور جيلٍ من الأطفال يعاني من اضطراباتٍ نفسية وأمراض فسيولوجية عديدة، حيث إنَّ تشرُّدهم في سنّ المراهقة الذي يُعدُّ سن تطوُّر شخصيتهم يساعد في تكوين شخصية مضطربة.
8-إصابة الأطفال بالأمراض المزمنة مثل التيفوئيد والأمراض الجلدية بما فيها الجرب وغيرها.
هنا الحلول لعدم انتشار مثل هذه الضواهر و هي
1-إنشاء مؤسسات تربوية وتأهيلية خاصةٍ بالأطفال المشردين.
2-إيجاد قوانين سريعة خاصة بظاهرة التسرب من المدارس التي تعتبر خطوة مهمة في مشكلة تشرد الأطفال.
3-إيجاد الهيئات التي تُعنى بالمشاكل الأسرية والاجتماعيّة للتقليل من أعداد العائلات المنفصلة.
4-تفعيل دور مؤسسة الضمان الاجتماعيّ لمساعدة الأسر الفقيرة والحدِّ من ظاهرة إخراج الأطفال من المدارس للعمل في ظروف معيشيّة صعبة بهدف إعالة عائلاتهم.
5-وضع الأطفال المدمنين للمخدرات في مصحات نفسية ودور رعاية خاصّة، وتأهيلهم ليصبحوا عناصر فعّالة في المجتمع.