في مجتمعنا نجد أناس يدّعون احتكار العقل وامتلاك حق الحداسة, ويصدرون أصواتاً على سلوك وفكر وقرارات غيرهم بلا وجه حق وبلا علم. ولا تراهم إلا ظواهر صوتية ونقدية مجردة من المبادرة العملية , ومتخاصمة مع السلوك الإصلاحي التغييري. نجدهم بوقًا هجوميًا على غيرهم العامل, ولسانا نقديًا سليطًا على أي اجتهاد هنا أو هناك, ويحاول طمس كل مظاهر البناء, وشطب الإنجاز. والحكمة والعدل تقتضي الحكم على الشخصيات المتمكنة فكريا بالشكل والمضمون التراكمي للإنتاج, ومن الظلم والقهر الحكم بالقطيعة وبالمزاجية والشخصانية.وأجد أصنافًا ممن يحسبهم المجتمع من قادته, ويؤثرون فيه, نسميهم نحن في الإعلام بقادة الرأي العام, وصانعيه, وعاملين على صونه والحفاظ عليه.. يفقدون بوصلة دورهم, ويتمسكون بتوافه الأمور, ويرخصون أنفسهم, ويتنازلون عن دورهم القيمي لصالح نزواتهم الصبيانية, وهواياتهم غير المناسبة.إن فلسفة حياة قائد الرأي تختلف في مكوناتها وفي دورها وفي أهدافها , ومن أراد الريادة عليه أن يركب كرسي القيادة, ومن عيناه على صبيانية الشهوات, ونزوات الهوايات عبر الهواء فعليه أن يلجأ إلى كراسي ألعاب الملاهي, التي تُعبر عن الترفيه واللهو ولا تُعبر عن جدية البناء وسمو الغايات, وحتى لا يلتبس كلامي على أحد. فإن الترفيه والإجازات والهروب من زحمة العمل إلى العلاقات الاجتماعية والترويح عن النفس شيء من ديننا, وشيء من بناء الشخصيات, ومن طبيعة ومكونات النفس البشرية.
المهندس / واصل بن عبدالله الحارثي .
W.alharithy@hotmail.com