منال فدعق - جدة
"رُب ضارة نافعة" مثلٌ عربي نردده و نرى مدلوله في حياتنا بشكل دائم فهو لم يأتِ من عدم. و قد فكرت في تعديلٍ بسيط فيه حتى أكون في خطٍ موازنٍ مع الدراسات الحديثة و الخاصة بتطوير الذات و التي تشجع و تؤكد على الإيجابية ليصبح المثل " من كل ضارةٍ نافعة". نعم فأمورنا كلها إلى خير و في كل أمر أو حدث سلبي إيجابية تحتاج أن نبحث عنها. إيجابية يمكن أن نستفيد منها، إيجابية يمكن أن نركز عليها، إيجابية نقتنع بوجودها و ندرب أنفسنا على الوصول لها.
فمع الأحداث الإقتصادية الراهنة مثلا والتي شملت إلغاء البدلات و تخفيض الرواتب والذي تضجر منها الكثير و اُعتُبِرت جانباً سلبياً أثر على عوائل عدة إلا أن الفكر الإيجابي يرى أن في تلك الضارة نافعة و هي إزدياد الوعي المالي لدى الأفراد و أصحاب القرار في كل منزل و عائلة. لقد كان و مازال مجموعة منا يصرف بغدق، يشتري بدون حساب، يبعثر بدون تدبير ويتخطى الأولويات إلى الرغبات و الطموحات دون تفريق بينهم و يردد بَعضُنَا عبارات مثل " أنفق مافي الجيب، يأتيك مافي الغيب" حتى حدث ما حدث. وتقسم الناس في مواجهة هذا الحدث إلى أصناف: صنفٌ لم يبالي لأنه في نعمةِ أدامها الله عليه، و صنفُ تأثر تأثيرا بالغاً ولكنه لم يصل لمرحلة الوعي بإيجابية الموضوع وبالتالي لم يتخذ خطوة حتى الآن رغم أنه لو ادرك معنى المثل لحاول ربما البحث عن النافعة. وقسمٌ ندب حظه ومازال منذ صدور القرار وحتى استلام راتب الشهر الماضي و مازال في خوض و حالة سيئة. و قسمٌ آخر اختار الهروب وعدم المواجهة و ذلك سيكبد نفسه خسائر أكبر. وأما القسم الأخير فهو من كان ذو نسبة ارتفاع في الوعي وبالتالي بدأ البحث عن النافعة بمجرد إخطاره بالحدث. فأي الأصناف أنتم وآي صنفٍ هو الأمثل في نظركم ولماذا؟ وهل كانت لكم وقفة مراجعة؟ و هل وجدتم جوانب إيجابية بالفعل؟ وماهي خطتكم المترتبة على ذلك؟
إن هذا الموضوع ليس هو الوحيد الذي يحتاج منا وقفة لإعادة الحسابات و البحث عن الإيجابيات وإنما مواضيع أخرى عدة سواءاً على الجانب الصحي، التعليمي التوعوي، الإجتماعي وغيرهم. فالأمر لا يدوم على حال والرسائل من كل ضارة نراها تبعث لنا في طيها إيجابية تنتظر الكشف عنها. وإن كنّا اعتبرنا ما حدثٌ كفاً من كفوف الحياة، فالكفوف ستستمر وفي كل مرة تنتظر من يكشف النافعة فيها. أنار الله البصر والبصيرة للجميع.