كَتبت: مَنار العبرية| سلطنةُ عُمان
أيُّها الرفٓاق: نَحنُ لسنا سوى أجزَاء مُلتفّةً بِبعضها، و كُلّما رَحل عَزيزٌ عنّا ماتَ جزءٌ فينا ، وأقولُ لكُم يا أصدقاء: لن يخطِفُنا الموتُ إلا ونحنُ ( خٓواء ) !
مَا أقولُهُ ليسَ تُرُهات، بل هي الحقيقةُ سواءً أدركْتُم ذلِك أم لَم تُدركوه بعد، ستفهمُون ذلك حتماً حينَ ترحل عنكُم روحٌ من أرواحِكُم بغتةً - لا قدّرَ الله -
رُزِئْنا بفقد جدّتي، في الرابِع من اكتوبر الحزين في يومٍ لا أظنُّ أن الشمسَ قد بزغت صبَاحُهُ.
جَاء صوتُ أبي واهياً وهو يُخبرني أن نُورَهُ قد خَمَدَ إلى الأبد، أن مِحوَرَ كَونِهِ والسبب الثَاني لِوجودِه في هَذا العَالمِ البَائسِ قد هَوَى جَسَدها وَحَضَرَها القدَر. كَان صوتُهُ عميقاً حزيناً منكسراً لا حَياةَ فيهِ ولاصَدى، وأخبَرني أنها أَلقَت على الدنيا تحيةَ الوداع، وذهبت رُوحها تسعى وتطير. وأنّ شيئاً ما في هَذا العالَمِ قد تَغيّر و لن يعُودَ كمَا هو.
وبعدَ الصدمةِ الأولَى، الوجه الخالي من التعابير، وشُعور الطعنة التي فَتّتت بَقايا صدري: انفَضّت عيناي باكيةً محزونةً، ولم أملِكُ سوى أن أَحني رَأسي أسَىً.
هَل حقّاً ذبَلت هَالةُ الجَمال التي كانت فِي حياتي؟
هذا يعني أن العَالم سيُصبِح بشعاً جداً، موحِشاً جداً، كطريقٍ صحراويٍّ مُظلمٍ تَعوي على جَانبيهِ الذئاب!
كُفِّنت جدتي في ثوبِ سُندُسٍ أخضر أشفقَ على نفسِهِ أن يحوي جُثمانَها العظيمَ بالمَآثِر. كَانت جميلةً جداً، بل أنَّ الجمَالَ لَينطوي وَ يخجَلُ في حَضرَتِها! كانت كَزَهرة بَريّةٍ طَوّحتهَا عَاصِفةٌ عنيدة. وعندما حملها الرجالُ فوق أعناقهم، وسمِعت من حَولي يَعلو نشيجَهُم انكَمَشَ قلبي، وودّعتُها الودَاعَ الأخير، الودَاع الذي يَليقُ بِها.
إنّ رُوحهَا وريحَانها لَيُوجدَان أبداً و دائمَاً، كلِماتُها الحانية وَ دُعائُها كُلّ يومِ سبت قَبل ذهابي للدوام: الله يوفقكم، في حفظِ الله ورعايته. ابتسامتها المُطمئنة الوديعة، وقلبها المِعطاء.
اللهم ارحم من أفضى إلى جوارِ ربهِ الرحيم، وأخفى وجههُ تُراب الأرضِ ورحلَ عنِ الدنيا راضياً مرضيّاً. اللهم ارحم ضعفهم فلا رَاحِمَ إلّا أنت، اللهمّ أعذهم من عذاب القبر، وجفاف ِالأرض عن جنبيها، اللهم آنس وحشتهم ونور قبورهم واغفر ذنوبهم، وابني لنا ولهم بيوتاً في الجنة.
مَا أقولُهُ ليسَ تُرُهات، بل هي الحقيقةُ سواءً أدركْتُم ذلِك أم لَم تُدركوه بعد، ستفهمُون ذلك حتماً حينَ ترحل عنكُم روحٌ من أرواحِكُم بغتةً - لا قدّرَ الله -
رُزِئْنا بفقد جدّتي، في الرابِع من اكتوبر الحزين في يومٍ لا أظنُّ أن الشمسَ قد بزغت صبَاحُهُ.
جَاء صوتُ أبي واهياً وهو يُخبرني أن نُورَهُ قد خَمَدَ إلى الأبد، أن مِحوَرَ كَونِهِ والسبب الثَاني لِوجودِه في هَذا العَالمِ البَائسِ قد هَوَى جَسَدها وَحَضَرَها القدَر. كَان صوتُهُ عميقاً حزيناً منكسراً لا حَياةَ فيهِ ولاصَدى، وأخبَرني أنها أَلقَت على الدنيا تحيةَ الوداع، وذهبت رُوحها تسعى وتطير. وأنّ شيئاً ما في هَذا العالَمِ قد تَغيّر و لن يعُودَ كمَا هو.
وبعدَ الصدمةِ الأولَى، الوجه الخالي من التعابير، وشُعور الطعنة التي فَتّتت بَقايا صدري: انفَضّت عيناي باكيةً محزونةً، ولم أملِكُ سوى أن أَحني رَأسي أسَىً.
هَل حقّاً ذبَلت هَالةُ الجَمال التي كانت فِي حياتي؟
هذا يعني أن العَالم سيُصبِح بشعاً جداً، موحِشاً جداً، كطريقٍ صحراويٍّ مُظلمٍ تَعوي على جَانبيهِ الذئاب!
كُفِّنت جدتي في ثوبِ سُندُسٍ أخضر أشفقَ على نفسِهِ أن يحوي جُثمانَها العظيمَ بالمَآثِر. كَانت جميلةً جداً، بل أنَّ الجمَالَ لَينطوي وَ يخجَلُ في حَضرَتِها! كانت كَزَهرة بَريّةٍ طَوّحتهَا عَاصِفةٌ عنيدة. وعندما حملها الرجالُ فوق أعناقهم، وسمِعت من حَولي يَعلو نشيجَهُم انكَمَشَ قلبي، وودّعتُها الودَاعَ الأخير، الودَاع الذي يَليقُ بِها.
إنّ رُوحهَا وريحَانها لَيُوجدَان أبداً و دائمَاً، كلِماتُها الحانية وَ دُعائُها كُلّ يومِ سبت قَبل ذهابي للدوام: الله يوفقكم، في حفظِ الله ورعايته. ابتسامتها المُطمئنة الوديعة، وقلبها المِعطاء.
اللهم ارحم من أفضى إلى جوارِ ربهِ الرحيم، وأخفى وجههُ تُراب الأرضِ ورحلَ عنِ الدنيا راضياً مرضيّاً. اللهم ارحم ضعفهم فلا رَاحِمَ إلّا أنت، اللهمّ أعذهم من عذاب القبر، وجفاف ِالأرض عن جنبيها، اللهم آنس وحشتهم ونور قبورهم واغفر ذنوبهم، وابني لنا ولهم بيوتاً في الجنة.