• ×

قائمة

Rss قاريء

هل تُجيد لعبة الكيرم؟!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بدر العسيري - جده

image

شاخت العروس، فهاهي بعد ثلاثة آلاف سنة تترهل أطرافها لتبدو ملامح التقدم في العمر جليّةً على وجه شوارعها وجنوب ضواحيها المُتهالك.

جده بكسر الجيم وفتح الدال تحولت لـ جَدَة بفتح الجيم والدال معًا، فلم يعد بمقدورها أن تقوم بتلك الأعمال التي كانت تؤديها وهي فتِيَةً حيال القادمين إليها والترحيب بهم كما يجب بابتسامتها البهية وطلعة شواطئها الندية، لم يعد بمقدورها أن تؤنب وتعاقب صبيانها وفتياتها الأشقياء كما كانت تفعل سابقًا حين كان يردد الجميع : جِدَه غير!

العمرُ يفرض دوره، و الكثرة أيضًا تغلب الشجاعة، وأعني كثرة العابثين !

في جدة، وأنت في طريقك لعملك تقود سيارتك بإطمئنان ستُفاجَأ بأن هنالك مركبات كبيرة وشاحناتٌ عدّة تشاركك الطريق، ستتأخر رحلتك العملية وربما تتوقف لعدّة مرات لأن هنالك شاحنة قد دهست مركبةً صغيرة من تحتها ولم تتنبه لها، وحينها لن تعلم أين الظالم من المظلوم؟ صاحب المركبة الصغيرة الذي لم يلتزم بمسارٍ واحد أم صاحب الشاحنة الذي أمن العقاب فأساء استخدام الطريق ولم يعد مباليًا بالمواقيت المسموح له بالعبور خلالها؟!

سيأتيك رجل المرور يمارس دور المنقذ، وهو أحد أطراف الاهمال في القضية فيوزّع الخطأ على الطرفين ٥٠٪‏ مقابل ٥٠٪‏ على كل واحدٍ منهما ليُخلي نفسه من المسؤولية ثم يرمي بهما في وجه " نجم " و " التأمين " ويغادر القضية!

هل أنت من هواة المشي على الأرصفة وتأمل لافتات المحلات؟ حسنًا، كن حذرًا فلربما تتلقفك أحضان إحدى حفر الصرف الصحي لتقضي نحبك في دقائق معدودات، لن تستغرق طويلًا ليخنقك غاز الميثان و السموم التي تفرزها مخلفات تلك الحفر المهملة والتي سُرقت أغطيتها
ولم تتنبه لها سعادة الأمانة و بناتها البلديات.


ماذا؟
لم أسمعك جيدًا؟
هل قلت استاد الأمير عبدالله الفيصل؟

أها، إن كنت حقًا تعني الملعب الرياضي، ولم تجرؤ لتكرر السؤال، فأنا مثلك لا أعرف ما هو مصيره!

لنغيّر السالفة يا صديقي .. هل تُجيد لعبة الكيرم؟

الدولة تُقدّم كل ما بوسعها ليكون أبنائها وشعبها بخير إلا أن بعض الأبناء عاق، سليط اليد، خفيّ الهوية، محترفًا بارتداء الأقنعة، اعتاد على أن يكون لصًا فإن قُطعت يمناه فهنالك شماله وإن بُترت فهنالك قدميه، وإن قُطِعتّا إربًا إربًا فلديه رفاق مخلصين يعبثون كما لو كان هو القائم بالمهمة. للأسف لقد انتشر الورم بجسد جده، ولولا لُطف الله ثم سادة البلاد الذين ينفقون أموالهم وأوقاتهم لماتت بين أيدي اللصوص.

إني كلما شاهدت جدة بهذا الحال يتصور لي مشهد الضباع التي تهاجم فريستها وهي قيد الحياة، الضباع قذرة جدًا لا تحترم ألم فريستها، فبينما كل الحيوانات تقتل فريستها أولًا ثم تأكلها .. الضباع تنهش في أحشائها وهي ترفس أمامها قيد الحياة!

الضباع لا تفترس بنبلٍ أبدًا !

صكوك ؟
عشوائيات ؟
مخططات ؟

العلمُ عند الله من اعتمد ومن المعتمد ومن هو العمود ومن العامد، ومن المتعمد ومن هو المتعدي و من المعتدي؟

الأمور كما نقول بالعامية البليدة التليدة ( ملخبَطة ) أو بالأحرى ( معفوسة فوق حدر ) !

عندما قدمتُ لجدة بغرض السكن اكتشفت ما لم أتنبه له حين كنت آتيها زائرًا لأيامٍ معدودات، وعندما أخبرت الرفاق بما شعرتُ به من اكتئاب شديد بعد مضي أربعة شهور قالوا بأني : أبالغ بحدةِ الرأي وأني متعنصر لنجدٍ وضواحيها، بينما الحقيقة لكل من يخالفني الرأي يومًا :

العادة تتفوق على الرائحة، و حدهم القادمين من الخارج يشتمون الرائحة بوضوح حتى أن تعتاد أنوفهم عليها فتتلاشى تدريجيًا بناءً على قاعدة التكيف لا على حقيقة الواقع!

لا تقلقي يا جده إن الله مع الصابرين، و حتمًا سيكون للفيصلِ موقف، وستغرب الضباع، وتبرأ الجروح وإن بقيت أثارها على وجهكِ المسن


للتواصل مع الكاتب
تويتر : badraseer
eng-badralaseri@hotmail.com

.

بواسطة : بدر العسيري - العسيري
 3  0  3.1K

التعليقات ( 3 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    5 سبتمبر 2016 12:35 مساءً سمر ركن :
    حوادث حفر تلوث فساد نزاهة ورم ضباع اعتداءات
    للأسف تلك هى جدة
    وكأنها لعبة كيرم يتلقفها كل كيف يشاء.
    مقال واقعى يروى قصة بلد كانت وصارت
    مقال داخله أقوى من غلافه
    سلمت أناملك بدر العسيري
    سمر ركن
  • #2
    5 سبتمبر 2016 07:06 مساءً رانيا المقري :
    سلمت أناملك أستاذ بدر مقال جميل جداً يستحق القراءة ويستحق الثناء والاطراء
  • #3
    6 سبتمبر 2016 08:45 مساءً ابوعامر الكدسي :
    * كلام جميل ياابواحمد فياليت تكتب شئ عن تلك القريه الحالمه الكدس ولك ألف شكر محبك في ابوعامر العسيري ) الكدس)

جديد المقالات

بواسطة : فاطمه احمد

في زحام الحياة، نجدنا محاطين بعدد هائل من...


بواسطة : محمود النشيط إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي

يجهل بعض من عامة الناس، والسياح في بعض الدول...


القوالب التكميلية للمقالات