طارق مبروك السعيد - جده
ينتظر الأبناء وبفارغ الصبر قدوم الإجازة الصيفية الطويلة لينعموا بالراحة بعد عناء موسم دراسي من المجهود النفسي والبدني, وفي الإجازة الصيفية تنقلب دورة الحياة، حيث يصبح الليل نهاراً والنهار ليلاً لدى الأبناء، لاستغلال كل وسائل التسلية والترفيه عن النفس مثل استخدام أجهزة الهاتف النقال والأيباد, ووسائل التكنولوجيا الحديثة عبر الفيسبوك, والتوتير والانستقرام ..
وتربية الأبناء لم تعد سهلة كما هي في الزمن الماضي في ظل وجود التقنيات الحديثة وانفتاح المجتمعات على بعض, حتى أصبح العالم مندمجا عبر ثورة المعلومات وتقنية الاتصالات, ومن الأخطاء الشائعة التي يرتكبها أولياء الأمور في ترك الحرية المطلقة للأبناء لعمل ما يريدون, وبدون رسم خطوط حمراء لا يجب تجاوزها, وعدم ترك لهم الحبل على الغارب. وهذا للأسف سوف يحدث خللا في العلاقات الاجتماعية، ويصبح بها الأبناء كالغرباء في بيتهم , لا يتحدثون مع بعضهم إلا ما ندر وكلا منغمس في طقوسه .. وهذه تعتبر وسيلة من وسائل إغلاق نوافذ التواصل المباشر عند بعض العائلات المتواجدون تحت سقف واحد، وقد يصاحب ذلك أيضاً انشغال الوالدين بهذه الملهيات !
وهناك بعض الناس كباراً كانوا أم صغاراً يتفاخرون أمام الآخرين بواسطة الانستقرام عن طريق وضع صور الأبناء, وصور الرحلات الخارجية, والأثاث الجديد , والتباهي أمام الجميع ! مما يسبب الحسد والعين , والحسد هو تمني زوال النعمة من الغير .. ولاشك أن العين حق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( العَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ القَدَرَ لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ ) – رواه مسلم - ، وفي حديث آخر ( إِنَّ العَيْنَ لَتُدْخِلُ الرَّجُلَ القَبْرَ وَالجَمَلَ القِدْرَ ) ..
بعض الأبناء ومن منظورهم الخاص يعتبرون الإجازة الطويلة متنفساً لهم لعمل ما يريدون, وهذه فرصة مناسبة للوالدين بالتقرب من الأبناء والنظر في السلوكيات السلبية وتحويلها إلى إيجابية , وبالتشاور معهم بتنمية قدراتهم ووضع آلية معينة لاستغلال أوقات الفراغ لإشباع رغباتهم الذهنية والبدنية . وحثهم على حفظ القران, وأداء جميع فروض الصلوات المكتوبة في المساجد,وتشجيعهم على الالتحاق بالأندية الاجتماعية والثقافية والرياضية, وزيارة المشاعر المقدسة, وتغيير الأجواء بالسفر, وزيارة الأقرباء, وذلك يسهم في خلق أجواء جميلة داخل العائلة, تتعمق من خلالها أواصر الألفة والمحبة بين الأبناء والعائلة ..
والإجازة الصيفية تسهم بشكل كبير في استرجاع الأنفاس والعيش خارج الضغط والروتين اليومي أثناء فترة الدراسة، ويجب على أولياء الأمور أن يضعوا في الحسبان القيام بالتخطيط السليم, والاهتمام بوضع برنامج خاص يتم من خلاله تطوير القدرات الذهنية لدى الأبناء, لكي تساهم بشكل كبير في تعزيز قدرات الطفل الفكرية والنفسية على حد سواء ..ومن المهم جداً تشجيع الأطفال وخصوصاً إذا كانوا طلاّباً في الصفوف الابتدائية على اقتناء الكُتب المفيدة وقراءتها خلال الإجازة.
حفظ الله الأبناء ووفقهم لكل خير ..
طارق مبروك السعيد