• ×

قائمة

Rss قاريء

حفلات التخرج تنذر بجيل استهلاكي مخيف!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

د.أميرة علي الزهراني

*وبعد أن كانت حفلات المدارس فيما مضى تقتصر على ما يسمى ب «حفل الأمهات » تركز من خلاله المدرسة على تكريم الأم لمجهودها طوال العام الدراسي، تحول الآن لحفل تكريم «الطقاقات» و«الدي جي» و«المشاغل» و«القاعات».. ثروة هائلة وميزانية ضخمة تصب في جيوبهم نهاية كل عام دراسي. والجميع يرتدي عباءة التخرج؛ من الحضانة إلى الجامعة. واستبدلت القيم العليا لحفل الأمهات القديم بقيم الردح والرقص والصراخ والتمظهر الزائف، والاستهلاك العفن!!!!!

«الطالبة المثالية»، «الطالبات المتفوقات»، «طالبات النظام»، «مسؤولات اللجان»، «الأم المثالية»، «المعلمة المثالية» ... مسميات أوشكت على الغياب، بعد أن كانت تصدح في كل حفل مدرسي، تعمد الإدارة المدرسية على تسميته ب «حفل الأمهات». تجدد فيه الطالبات ولاءهن لأمهاتهن والاعتراف بجميلهن وتأكيد القيم الأخلاقية العليا الراسخة في خطابات وأناشيد وقصائد ومشاهد مسرحية، وغيرها من فعاليات لا تنفصل عن أهداف العملية التربوية؛ حيث التدريب على العمل الجماعي، ومواجهة الجمهور، وفنون الإلقاء، والاعتراف بفضل الأم التي تحس بأن تعب مشوار عام دراسي كامل قد تلاشى تماماً بمجرد خروجها منتشية من الحفل، وقد شُحنت بطاقة إيجابية فولاذية للعمل بحماس أكثر العام الجديد.

كان «حفل التخرج» فيما مضى يقتصر على خريجي الجامعة، وكانت عباءة التخرج ترتبط ذهنياً بالتحول من مرحلة التلمذة إلى مرحلة المسؤولية والوظيفة والانخراط في سوق العمل والحياة الجديدة... الآن نظرة خاطفة لمحلات الملابس الموحدة ستجد عباءات تخرج لأطفال حضانة مازالوا يرتدون «البامبرز»!!

في كل عام دراسي تبدأ طالبات كل مرحلة دراسية بالتخطيط لحفل التخرج قبل نهاية الدراسة بشهرين وثلاثة، على نحو لا تستطيع ميزانيات المدارس أن تجاريهن في إثارته وجاذبيته!! تتنافس الطالبات في إخراج حفل تخرجهن مع الدفعة التي سبقتهن، أو مع دفعة قريباتهن. التنافس على نوع المطربة والبوفيه وفخامة القاعة والضيافة ومصدر الشوكولاتة، والمشاغل والفساتين، وطريقة الزفة للمسيرة... وسيناريوهات وخطط من إعداد وتصميم مراهقات فرغّن حفل التخرج من محتواه الجوهري إلى محتوى مادي مزيف صاخب تافه، على مرأى ومشهد الأهالي. فلا تشهد في حفلهن سوى الصراخ والرقص الهستيري وادّعاء الفرح والبهرجة والفشخرة الكذابة وتبادل الهدايا والتقاط الصور و«السلفي» وهنّ بكامل زينتهن، بدعوى الذكرى الخائبة.

الجيل الذي يعتاد على التمظهر الزائف والفشخرة الكّذابة في أدق تفاصيل حياته ومنذ نعومة أظفاره، في مقتنياته، ولباسه، وسفرياته، ومناسباته، وفي بروفايلات جواله، وعلاقاته، وفي حسابه على الانستقرام، والسناب شات، وتويتر .... غير عابئ بالجوهر الحقيقي للشخصية، والاشتغال الفعلي على القيم العليا والصدق والأخلاق السامية... هو جيل نافذ قادم بقوة .. ينذر بنمط استهلاكي زائف مخيف للغاية!!
* * * *

بواسطة : د. أميرة علي الزهراني
 0  0  2.4K

التعليقات ( 0 )

جديد المقالات

بواسطة : فاطمه احمد

في زحام الحياة، نجدنا محاطين بعدد هائل من...


بواسطة : محمود النشيط إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي

يجهل بعض من عامة الناس، والسياح في بعض الدول...


القوالب التكميلية للمقالات