محمد الرطيان - مكة المكرمة
رسالة مفتوحة إلى سمو الأمير
(١)
بين زخم هائل من الكلمات المتفائلة والفرحة و(المادحة) رافقت ورشة (برنامج التحول الوطني)، التقطت لكم هذه الرائعة «نحتاج نقدكم قبل ثنائكم» التي قالها الأمير محمد بن سلمان.
وسبق لي يا سمو الأمير أن كتبت:
الأوطان التي لا تقبل النقد تترهل..
النقد: عافية، وغيابه: مرض.
ليس من الوطنية أن تمتدح أخطاء بلادك!
وقلت مرة.. إننا:
ننشغل كثيراً بنقد الفروع الفاسدة.
وعلينا أن نتوقف قليلا ونفكر بالبذرة التي أنبتتها.
فلا قيمة لأي نقد لا يصل إلى العمق!
«نحتاج نقدكم قبل ثنائكم» عبارة رائعة.. ولكن تطبيقها - على أرض الواقع - يحتاج إلى مؤسسات مجتمع مدني، وقوانين، وأنظمة: تحمي الناقد وتحفظ حق المنقود!
«نحتاج نقدكم قبل ثنائكم»: سأتكئ على هذه العبارة.. وأبني المقال عليها!
(٢)
ورشة عمل (برنامج التحول الوطني) استهدفت وضع رؤية جديدة لخطط كل وزارة تبدأ عام 2016 وتنتهي عام 2020، ركزت في بعض جوانبها على مناقشة تقويم أداء الوزراء بحيث يكون الوزير ملزماً أمام الشعب بتنفيذ وعوده وبرنامجه الوطني.
حسناً... لا بد من طرح بعض الأسئلة:
- كيف نعرف - خلال هذه السنوات - مدى تنفيذ ونجاح الوزير لبرنامجه؟
- من مِن الشعب لديه صلاحية مناقشة أداء الوزير، وما هي آلية ذلك؟
- هل هنالك مؤسسات معنية بمتابعة البرنامج وتقويمه وتقييمه؟
- ألا يحتاج مثل هذا الأمر إلى برلمان له صلاحيات المتابعة والمحاسبة والمراجعة والتقييم؟
- ألا يحتاج فعل المشاركة و(تقويم أداء الوزير) إلى تفعيل وتوسيع مؤسسات المجتمع المدني؟
الفكرة رائعة - يا سمو الأمير - وطموحة..
والأعمال العظيمة تبدأ بأحلام عظيمة، وإصرار وعزيمة لا يهابان الفشل..
ولكن الذهاب إلى المستقبل يجب أن يتم بكامل الحمولة وبكافة التجهيزات اللازمة للرحلة الطويلة والصعبة، فالسيارة القوية الفخمة اللامعة لا يمكنها - على سبيل المثال - أن تكمل الرحلة بإطارات مهترئة!
(٣)
لو كنت بينكم - يا سمو الأمير - لقلت لكم إن (برنامج التحول الوطني) يحتاج إلى قواعد صلبة تُبنى عليها أحلامنا.. وهي:
- إرساء دولة المؤسسات والقانون.
- أصدار قوانين تحمي الناس جميعاً من أي إساءة أيا كان شكلها ومصدرها.
- منحنا الإحساس بـ«المواطنة» الواحدة أيا كانت لهجاتنا ومذاهبنا وألواننا ومناطقنا.
- تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وجعلها - هي والمواطنة - جزءاً مهما في مناهجنا التربوية والتعليمية.
- منح كافة المنابر الإعلامية - أيا كان توجهها والتيار الذي تنتمي إليه - المساحة الآمنة للتعبير عن رأيها تجاه أي قضية.
- منح المواطن حقه بالعلاج والتعليم والسكن وإيجاد العمل.. ليشعر أن له كرامة تحفظها الدولة وتصونها.
- إعلان حرب حقيقية ضد كل أشكال الفساد لا تستثني أي فاسد مهما كان اللقب الذي يسبق اسمه وأيا كان اسمه الأخير.
وبخصوص الفساد - على سبيل المثال - عندما يكون لدينا هيئات ومؤسسات وأجهزة حكومية تحمل أسماء: هيئة مكافحة الفساد، وهيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة، والمباحث الإدارية، وهيئة التحقيق والادعاء العام.. وجميعها تدور أعمالها ومهامها حول «الفساد» واكتشاف أسبابه والتحقيق حوله ومقاومته ومحاولة القضاء عليه... ومع هذا: نرى السيّد «الفساد» يتجوّل في شوارعنا بكامل عافيته وعنفوانه.. علينا أن نعترف أن الخلل عظيم، والعلاج يحتاج إلى علاج!
- لا يمكنك الذهاب إلى المستقبل دون معالجة أخطاء الماضي.
وسيارة «المستقبل» لا تحتمل أن يكون أحد ركابها «الفساد»... هذا سيجعلها تنقلب عند أول منعطف!
(٤)
يا سمو الأمير: قبل ثلاثة عشر عاماً في أكتوبر ٢٠٠٢ أعلن معالي وزير التخطيط الأستاذ خالد القصيبي (الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي) التي - تزعم - تحديد معالم الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440 - 2020.
ما الذي حدث لهذه الرؤية؟.. أين ذهبت توصياتها؟!.. هل فشلت «الرؤية» في رؤية المستقبل؟.. أم أنها أضاعت الطريق إليه؟.. أم أن «السيارة» تعطلت أو انفجر أحد إطاراتها في منتصف الطريق؟!... فقط أتساءل!
(٥)
«نحتاج نقدكم قبل ثنائكم»..
وغالبية القوم - يا سيدي - انشغلوا بالثناء.. وأنا حاولت أن «أنقد» بمحبة.
لا تثق أيها الأمير بمن يصفق للأعمال قبل إنجازها!
وجميعنا يا سمو الأمير سنشاركك الحلم، ونشد على يدك، ونساندك، وسترافقك دعواتنا الصادقة وكلماتنا الطيبة.. الحالمة ببلد رائع: بلد يكون فيه الإنسان وكرامته ورفاهيته العنصر الأول والأهم والأعظم في أي برنامج يخطط للذهاب إلى المستقبل.
رسالة مفتوحة إلى سمو الأمير
(١)
بين زخم هائل من الكلمات المتفائلة والفرحة و(المادحة) رافقت ورشة (برنامج التحول الوطني)، التقطت لكم هذه الرائعة «نحتاج نقدكم قبل ثنائكم» التي قالها الأمير محمد بن سلمان.
وسبق لي يا سمو الأمير أن كتبت:
الأوطان التي لا تقبل النقد تترهل..
النقد: عافية، وغيابه: مرض.
ليس من الوطنية أن تمتدح أخطاء بلادك!
وقلت مرة.. إننا:
ننشغل كثيراً بنقد الفروع الفاسدة.
وعلينا أن نتوقف قليلا ونفكر بالبذرة التي أنبتتها.
فلا قيمة لأي نقد لا يصل إلى العمق!
«نحتاج نقدكم قبل ثنائكم» عبارة رائعة.. ولكن تطبيقها - على أرض الواقع - يحتاج إلى مؤسسات مجتمع مدني، وقوانين، وأنظمة: تحمي الناقد وتحفظ حق المنقود!
«نحتاج نقدكم قبل ثنائكم»: سأتكئ على هذه العبارة.. وأبني المقال عليها!
(٢)
ورشة عمل (برنامج التحول الوطني) استهدفت وضع رؤية جديدة لخطط كل وزارة تبدأ عام 2016 وتنتهي عام 2020، ركزت في بعض جوانبها على مناقشة تقويم أداء الوزراء بحيث يكون الوزير ملزماً أمام الشعب بتنفيذ وعوده وبرنامجه الوطني.
حسناً... لا بد من طرح بعض الأسئلة:
- كيف نعرف - خلال هذه السنوات - مدى تنفيذ ونجاح الوزير لبرنامجه؟
- من مِن الشعب لديه صلاحية مناقشة أداء الوزير، وما هي آلية ذلك؟
- هل هنالك مؤسسات معنية بمتابعة البرنامج وتقويمه وتقييمه؟
- ألا يحتاج مثل هذا الأمر إلى برلمان له صلاحيات المتابعة والمحاسبة والمراجعة والتقييم؟
- ألا يحتاج فعل المشاركة و(تقويم أداء الوزير) إلى تفعيل وتوسيع مؤسسات المجتمع المدني؟
الفكرة رائعة - يا سمو الأمير - وطموحة..
والأعمال العظيمة تبدأ بأحلام عظيمة، وإصرار وعزيمة لا يهابان الفشل..
ولكن الذهاب إلى المستقبل يجب أن يتم بكامل الحمولة وبكافة التجهيزات اللازمة للرحلة الطويلة والصعبة، فالسيارة القوية الفخمة اللامعة لا يمكنها - على سبيل المثال - أن تكمل الرحلة بإطارات مهترئة!
(٣)
لو كنت بينكم - يا سمو الأمير - لقلت لكم إن (برنامج التحول الوطني) يحتاج إلى قواعد صلبة تُبنى عليها أحلامنا.. وهي:
- إرساء دولة المؤسسات والقانون.
- أصدار قوانين تحمي الناس جميعاً من أي إساءة أيا كان شكلها ومصدرها.
- منحنا الإحساس بـ«المواطنة» الواحدة أيا كانت لهجاتنا ومذاهبنا وألواننا ومناطقنا.
- تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وجعلها - هي والمواطنة - جزءاً مهما في مناهجنا التربوية والتعليمية.
- منح كافة المنابر الإعلامية - أيا كان توجهها والتيار الذي تنتمي إليه - المساحة الآمنة للتعبير عن رأيها تجاه أي قضية.
- منح المواطن حقه بالعلاج والتعليم والسكن وإيجاد العمل.. ليشعر أن له كرامة تحفظها الدولة وتصونها.
- إعلان حرب حقيقية ضد كل أشكال الفساد لا تستثني أي فاسد مهما كان اللقب الذي يسبق اسمه وأيا كان اسمه الأخير.
وبخصوص الفساد - على سبيل المثال - عندما يكون لدينا هيئات ومؤسسات وأجهزة حكومية تحمل أسماء: هيئة مكافحة الفساد، وهيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة، والمباحث الإدارية، وهيئة التحقيق والادعاء العام.. وجميعها تدور أعمالها ومهامها حول «الفساد» واكتشاف أسبابه والتحقيق حوله ومقاومته ومحاولة القضاء عليه... ومع هذا: نرى السيّد «الفساد» يتجوّل في شوارعنا بكامل عافيته وعنفوانه.. علينا أن نعترف أن الخلل عظيم، والعلاج يحتاج إلى علاج!
- لا يمكنك الذهاب إلى المستقبل دون معالجة أخطاء الماضي.
وسيارة «المستقبل» لا تحتمل أن يكون أحد ركابها «الفساد»... هذا سيجعلها تنقلب عند أول منعطف!
(٤)
يا سمو الأمير: قبل ثلاثة عشر عاماً في أكتوبر ٢٠٠٢ أعلن معالي وزير التخطيط الأستاذ خالد القصيبي (الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي) التي - تزعم - تحديد معالم الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440 - 2020.
ما الذي حدث لهذه الرؤية؟.. أين ذهبت توصياتها؟!.. هل فشلت «الرؤية» في رؤية المستقبل؟.. أم أنها أضاعت الطريق إليه؟.. أم أن «السيارة» تعطلت أو انفجر أحد إطاراتها في منتصف الطريق؟!... فقط أتساءل!
(٥)
«نحتاج نقدكم قبل ثنائكم»..
وغالبية القوم - يا سيدي - انشغلوا بالثناء.. وأنا حاولت أن «أنقد» بمحبة.
لا تثق أيها الأمير بمن يصفق للأعمال قبل إنجازها!
وجميعنا يا سمو الأمير سنشاركك الحلم، ونشد على يدك، ونساندك، وسترافقك دعواتنا الصادقة وكلماتنا الطيبة.. الحالمة ببلد رائع: بلد يكون فيه الإنسان وكرامته ورفاهيته العنصر الأول والأهم والأعظم في أي برنامج يخطط للذهاب إلى المستقبل.