الأستاذة أميمة عبدالعزيز زاهد - جده
قرأت عن دراسة قامت بها إحدى المؤسسات على مجموعة كبيرة من الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين السادسة والعاشرة، تم توجيه سؤال حول مفهوم كلمة (الحب) بالنسبة لهم وقد خرج الأطفال بتعريفات عجيبة لكن كان من أفضلها الإجابات التالية: الحب هو ما يجعلك تبتسم حتى وإن كنت متعباً للغاية، الحب هو عندما أصيبت جدتي بالتهاب المفاصل لم تكن تستطيع أن تنحني لتضع الطلاء على أظافر قدميها، فكان جدي يقوم بذلك لها، حتى بعد أن أصيب بالتهاب المفاصل في يديه لم يتوقف عن القيام بذلك لها، الحب هو عندما تخرج مع أحدهم وتعطيه معظم البطاطس المقلية الخاصة بك، دون أن تلزمه بأن يعطيك البطاطس الخاصة به، الحب هو عندما تصنع أمي لأبي قهوة ثم تأخذ منها رشفة بالملعقة لتتأكد أن مذاقها لذيذ، الحب هو عندما تختار أمي أفضل جزء من الدجاجة وتعطيه لأبي، الحب هو عندما يحبك شخص ما، فإنك تشعر بأنه ينطق اسمك بشكل مختلف عن ما ينطقه بقية الناس، إنك تشعر بأن اسمك بأمان في فمه، وإليكم هذه القصة الرائعة التي أوردها المؤلف ليو بسكاجيا والذي طلب منه أن يكون حكماً في مسابقة لاختيار أكثر الأطفال حنـاناً وأكثرهم اهتماما بالآخرين. يقول: خضت المسابقة وكان الفائز الأول طفلاً في الرابعة من عمره وتتلخص حكايته بأن الطفل كان جالساً في فناء البيت ولاحظ أن جارهم المسن جالس في حديقة منزله ويبكي بحرقة، بعد أن فقد زوجته التي توفيت وتركته وحيداً، عندما شاهد الطفل ذلك المشهد ذهب إلى الجار وجلس في حضنه، وعندما عاد بعد فترة سألته أمه ماذا صنعت مع ذلك الجار؟ أجابها: لا شيء، لقد ساعدته على البكاء.
والشيء بالشيء يذكر، سأورد لكم نصيحة قدمها مدير جامعة الخرطوم للآباء، في مؤتمر للتعليم كما قرأتها. قال فيها: إياكم أن تبنوا طوبة واحدة لأولادكم٬ إياكم أن تبنوا لهم بيتاً أو تشتروا لهم شققاً أو أراضي أو تتركوا لهم نقوداً في البنك لو معكم فلوس زيادة استثمروا في أولادكم، وإياكم أن تستثمروا لهم، أدخلوهم أحسن مدارس وأحسن جامعات وعلموهم أحسن تعليم٬ علموهم لغتين أو أكثر، أفهموهم بأن النجاح في الحياة لا يرتبط بالضرورة بالنجاح في المدرسة أو الجامعة٬ وأن الله خلق لكل واحد موهبة٬ المحظوظ من يكتشفها٬ والناجح من يشتغل بها، لذا اكتشفوا مواهب أولادكم٬ اشتغلوا واصرفوا عليها وكبروها٬ واجعلوهم يشتغلون ويكبرون بها.
الفلوس لن يعملوا بها حاجة لو كبروا ووجدوا أنفسهم ليس معهم غيرها٬ والبيت الذي تظلون عمركم كله تستثمرون فلوسكم فيه وتبنونه لهم٬ هم سيبنون أحسن منه٬ في وقت وبمجهود أقل لو كرستم فلوسكم ومجهودكم في أنكم تبنونهم وتستثمرون في شخصهم، ابن ابنك ولا تبن له، واستثمر فيه ولا تستثمر له، الإرث الحقيقي لأولادكم ليس فلوساً أو بيتاً أو أرضاً٬ الإرث الحقيقي هو أولادكم أنفسهم.