الأستاذة أميمة عبد العزيز زاهد - جدة
قالت: عشت ثلاث سنوات مع زوجي، وبعدها اختاره الله لجواره، ولم يبق لي إلا طفلي ثمرة حبي وعمري، وبعد سنوات وجدت نفسي في مواجه العاصفة بيني وبين أهلي للارتباط مرة أخرى، خاصة وأنني كنت ما زلت في نهاية العشرينيات من عمري، ورفضت بشدة وتحديت الظروف، كافحت وتوظفت، لم أكن أفكر إلا في مصلحة ابني وتربيته أفضل تربية؛ لأصل بسفينتي إلى بر الأمان، ودخلت التحدي بصغيري، كنت له بمثابة الأم والأب كنت كل عائلته، وكان هو كل عالمي، فهو بالنسبة لي زهرة يافعة عطرها يعد أكسير الحياة، استنشق رحيق هذا العطر كل يوم فيجدد في أعماقي الأمل ويبدد الألم، ويمدني بالطاقة التي أواصل بها عطائي، وعاهدت ربي بأن أجعله يواصل تعليمه لينال شهادة عليا؛ لأحقق حلمي أنا ووالده، يرحمه الله، وكان لا بد من الوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسي، ومرت السنوات سريعة أديت خلالها ولله الحمد رسالتي على أكمل وجه، وأصبح الطفل الصغير رجلاً قوياً ينتظره مستقبل مشرق، ولكن قبل فترة لمست بعض الفتور في علاقاتنا، ولم يعد يجلس معي ويحدثني في أموره ومشاريعه كالسابق، حاولت أن أحتويه كما كنت دوماً أفعل معه، لعله يخبرني بما أصابه، ولكنه كان يلتزم الصمت، وفاجأني بعدها بخبر كنت أتمناه وأنتظره طوال عمري، لقد قرر أن يتزوج واختار عروسته ولم يمنحني فرصة المشاركة في أهم حدث في حياتي وحياته، وقام بكل الأدوار حتى بدوري وتحول حلمي في لحظة إلى عبث، لقد نسي كفاحي ونسي أن عليه واجباً يؤديه تجاهي، ورغم ألمي إلا أن سعادتي كانت أكبر من أي ألم وأنا أراه وهو سعيد بحياته وبأسرته الجديدة، ولا أملك سوى الدعاء له بالتوفيق والسعادة وبالذرية الصالحة البارة، وانتقل إلى منزله الجديد، وأصبح يزورني مره كل أسبوع ويحدثني من وقت لآخر، وبدأت تحاصرني الوحدة، حتى طرق بابي من يتقدم للزواج مني، رجل ماتت زوجته، رجل شهد كل من يعرفه بأنه أب مثالي، وزوج كان مخلصاً لزوجته، ويعيش عيشة ميسورة بعد أن تزوج جميع أبناؤه، وكل هدفه أن يجد من تواسيه في وحدته، وأن يقضي معها باقي أيام عمره، وترددت رغم أن كل من حولي كان يشجعني على القبول، فهو سيكون لي وليفاً وأنيساً ورفيقاً، وأنا كل ما أطلبه الشعور بالأمان والحماية، وبطبيعة الحال كان ابني هو ولي أمري، وقررت قبل أن أعطي الموافقة أن آخذ رأيه، وظننت أنه سيبارك لي طالما في ذلك راحتي، ولكن ظنوني شقيت بها وحدي، فلم يدعني أنهي كلامي حتى هب واشتعل وانفعل في وجهي، واتهمني بقلة العقل والتهور، وبأنني رجعت إلى الوراء أعواماً طويلة لأعيش مراهقة متأخرة، قال وقال الكثير الذي لم تعد أذناي تسمعه، ولكن عيناي استسلمت لبكاء مرير على واقعي، وخرج بعدها غضبان وعدت أنا لغرفتي ووحدتي لأستعد ليوم غد لإخبار الجميع برفضي لقرار الزواج .