بقلم | أحمد حلبي - مكة المكرمة
قبل أيام قليلة مضت، ذكرني أحد الأصدقاء بما تعرضت له شركة نوكيا من خسائر أدت إلى بيعها لشركة ميكروسوفت، وسألني عما إذا كان هناك متعظ بما تعرضت له نوكيا، أم أن هذا الأمر لا يعنيه من قريب أو بعيد. والحقيقة أنني توقفت متأملًا ومتسائلًا عن حال البعض ممن يصلون لمراكز قيادية وهم لا يعرفون معنى القيادة، لكنهم يعرفون معنى المكافآت الشهرية والسنوية، ولا ينظرون لأي تطوير أو تحديث أو ارتقاء، لكنهم يتحدثون دومًا بأنهم الأفضل والأحسن والأجمل، وهم بعيدون كل البعد عن هذه المميزات، وهم قريبون من الكلام بعيدون عن الفعل. ولعل ما أثارني هو ما انتهى إليه المؤتمر الصحفي عقب الإعلان عن شراء NOKIA من قبل MICROSOFT ، إذ قال الرئيس التنفيذي لنوكيا ستيف بلمر في كلمته: “نحن لم نفعل أي شيء خاطئ، لكن بطريقة ما، خسرنا”. وبمقولته هذه، بكى كل فريق الإدارة بمن فيهم هو نفسه. وبالعودة لأسباب بيع شركة نوكيا، نجد أنها كانت من الشركات الرائدة في المجال التقني استطاعت خلال فترة من الزمن احتلال مكانة مرموقة وسط المنتجات الإليكترونية، لكنها توقفت عن ذلك . وقال المقربون منها: ” إنها لم تفعل شيئًا خطأً في أعمالها ولكن العالم تغير بسرعة كبيرة، غاب عنهم التعلّم، وغاب عنهم التغيير، وبالتالي فإنها فقدت فرصة ثمنية كانت في متناول اليد لتصبح شركة عملاقة، ليس فقط فاتتهم فرصة لكسب المال الوفير، ولكنهم فقدوا أيضًا فرصتهم في البقاء على قيد الحياة! “، وهذه باختصار قصة نوكيا. وقال عدد من المتخصصين في علم الاجتماع أن شركة نوكيا بعثت برسالة قوية للآخرين مضمونها:”إذا كنت لا تتغير، سيتم استبعادك من المنافسة. وإذا كنت لا تريد أن تتعلّم أشياء جديدة ولم تستطع أفكارك وعقليتك اللحاق بالوقت سوف تنتهي بمرور الوقت”!! وقد أجد أن الوقت قد حان لطرح سؤال لكل من يدعي أنه جاء لهذه المنشأة بهدف تطويرها والارتقاء بخدماتها والنهوض بها نحو الأفضل، فأين هو عن كل ما ذكر؟! الحقيقة تؤكد أن كل شيء كما هو لم يتغير، سوى لمبات الإضاءة التي زاد عددها ليزيد الاستهلاك والمكيفات لتزيد البرودة، وكثرة المقربين الداعمين، وتعيين الأقارب والأصدقاء وصرف المرتبات والمكافآت الشهرية والسنوية دون حضور أو إنتاج؛ لتذكرنا بالضمان الاجتماعي الذي يصرف للعجز وكبار السن والأرامل دون أي عمل يقدمونه. أما التطوير والتحديث والارتقاء فبالنسبة لي لم أره ولم يره المستفيدون فكيف نصدق مقولة مضمونها أنه موجود. إن لدينا الكثير من الأحداث التي تشابه إلى حد كبير ما وصلت إليه شركة نوكيا، لكن ليس لدينا دموع تبكي على ضياع شيء؛ لأن من يقفون على قمة هذه المنشأة أو تلك هدفهم منحصر في زيادة دخلهم ومجاملة أقاربهم، والتغني بالتطوير والتحديث مع كل انتخابات تجرى، والإصرار على البقاء داخل مجلس الإدارة سنين عددًا، مستندين في ذلك على لوائح تجيز لهم البقاء مدى الدهر وعدم محاسبتهم على أي خطأ يرتكبونه. فأي دموع تنسكب من أعينهم ؟! وهم يسعون لمصالحهم الخاصة .