• ×

قائمة

Rss قاريء

نحن أجدر بذلك ..

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
منال فدعق - جدة

أثناء مرافقتي لوالدتي في جلسات العلاج الطبيعي والتي تواظب عليها ثلاثة أيام في الأسبوع، استمتع بالدردشة مع الأخصائيات الفلبينيات و التشيكيات في المركز . وهذه عادة لي منذ زمن و خصوصا وأنني ولله الحمد أجيد اللغة الانجليزية و اتحدث بها بطلاقة. فأجد نفسي انسجم في الحديث مع ممرضات، أخصائيات تدليك أو تجميل، أو إداريات. و هدفي من ذلك التلاطف معهم والسؤال عن أحوالهم و السماع منهم وإعطائهم فكرة مغايرة عما يحملونه تجاهنا كعرب، أو كسعوديين، أو كمسلمين. إضافة إلى رغبتي في نقل أي معلومة عن ديني مهما كانت بسيطة ولكن بإسلوب وفكرة تدوم ذكراها لديهم. و في الحقيقة هذا أمر يستغرق وقتا، ويتطلب جهدا، ويحتاج حذرا وطولة بال وثقة ولكنه هدف يستحق العمل من أجله.
و في جلسة اليوم بالذات، أثلج قلبي ما سمعته من إحداهن عندما كانت تشرح لي الفرق بين جمهورية التشيك و سلوفاكيا. فهي ابنة من أب تشيكي و أم سلوفاكية. و رغم انفصال الدولتين سياسيا، إلا أن معظم أبناء الدولتين هم نتاج زيجات مختلطة من كلاهما. و لا يمكنهم الانفصال الاجتماعي لأن وعيهم قد وصل لحد إدراك عالي يفصل ما بين الأمور السياسية و الدينية والإجتماعية بشكل ناجح جدا. و حكت لي أن جدتها كانت معلمة دين و كانت تقرأ القرآن رغم أنها غير مسلمة و قد علمتهم و ربتهم على فكرة أخوة الأنبياء و وجوب الإيمان بهم جميعا. و أوصتهم أن لا يختلفوا في الدين فمصدره واحد مهما تغيرت المعتقدات، و أن لا يكون ذلك سببا في فرقتهم. فظللت أردد في نفسي "نصر من الله وفتح قريب" . ثم سألتها عن أكثر ما جذبها للبقاء في المملكة طوال سنواتها الثلاث دون تغيير رأيها رغم اختلاف طبيعة العيش و العادات والأحداث المحيطة بِنَا؟ فأجابت ضاحكة :" الأكل اللذيذ" ثم أردفت :" و طيبة قلوب الناس وحسن تعاملهم و صوت الآذان و الصلوات المتكررة". و أوضحت لي رغبتها في معرفة المزيد عن ديننا بالفعل و ليس القول فقط. ثم و صفت لي كيف كانت مخاوف أهلها شديدة عندما رغبت للقدوم للعمل هنا في بداية الأمر و كيف كانت تقضي وقتا معهم عندما تعود في الإجازات لتحكي لهم قصصا و تنقل لهم مواقف تثبت لهم بها عكس ما حملوه ضدنا في مخيلتهم. و أضافت قائلة :" لقد كنت في إجازة منذ شهر وواجهت صعوبة لأقنعهم بعودتي خصوصا في خضم الأحداث الراهنة مع "داعش" و سوريا و لبنان ولكني أخذت أقرأ عليهم ترجمة لبعض آيات القرآن و أربطها بأخبار تنقل لهم إعلاميا لأقنعهم بأن دين أولئك الناس بريء من أي إتهام بإرهاب أو تضليل أو قتل. و أن ما يحدث ما هو إلا مجرد سلوكيات تعكس تصرفات أناس محددين لا يمكن تعميم فكرهم على ملايين تدين بدين عظيم كدينكم...لا أنكر أنني واجهت صعوبة و تعبت إلا أنني في النهاية عدت برضاهم و بعد طمئنتهم بنسبة أكبر من ذي قبل".وانتهت جلسة الوالدة و غادرت و ظل ذهني مشغولا جدا و ظللت يوما كاملا لأسترجع ما سمعت و لأُعيد ترتيب كلماتي لأنقلها لكم. وجلست اتسأل إذا كان هذا دور أجنبية غير مسلمة للدفاع عن ديننا و معتقدنا، فأين دورنا نحن؟. و إذا كانت هي نفسها التي تقرأ ترجمة القرآن ، فأين نحن من القرآن؟. و إذا كنّا نعتقد أن تعلم اللغة الإنجليزية بالذات مهم في هذا العصر و أدخلنا أبنائنا مدارس عالمية من أجل التعلم لمستقبلهم و دراستهم و للجامعة و الوظيفة، فهل ربينا فيهم أهمية تعلم اللغة من أجل الدفاع عن ديننا؟. و لم أقل نشر الدين لأن ذلك في نظري لا يحتاج لغة فقط بقدر احتياجه لسلوك و موقف و تصرف مدعوم بفهمنا للدين قبل نشره.
إنني لا أشك و لا أشكك في قدراتنا و لكن أوكد على ضرورة اكتشاف تلك القدرات و استثمارها في هذا الوقت بالأخص. و نحن أجدر كمواطني دولة إسلامية و كأبناء بلد الحرمين بأن نكون أكفاء للدفاع عن ديننا و سنة نبينا بحسن تطبيقنا و التزامنا ثم بزيادة تفهمنا لنبلغ ولو آية.



بواسطة : منال فدعق - جده
 0  0  2.0K

التعليقات ( 0 )

جديد المقالات

بواسطة : فاطمه احمد

في زحام الحياة، نجدنا محاطين بعدد هائل من...


بواسطة : محمود النشيط إعلامي بحريني متخصص في الإعلام السياحي

يجهل بعض من عامة الناس، والسياح في بعض الدول...


القوالب التكميلية للمقالات